التغيرات المناخية وتناقض المناهج والإيديولوجيات

لم يقتصر التشكيك حول ظاهرة التسخين العالمي ممن يرفضون كل ما ينبثق عن الدول الغربية؛ وإنما ارتفعت انتقادات من داخل هذه الدول؛ من ذلك تعليق ريد بايسون أحد علماء الغلاف الجوي قائلاً: “لا يسمح لك بمجرد الحديث حول هذا الأمر إلا إذا قلت: التسخين العالمي، نعم، نعم، ثاني أوكسيد الكربون”.

يجب التأكيد على أن الأزمة التي تعاني منها الحضارة المعاصرة؛ ليست أزمة مؤتمرات وتوصيات؛ بقدر ما هي أزمة ثقافية تؤثر في مضامين المؤتمرات والتوصيات.
بعبارة أخرى فإن تفعيل {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} ، من خلال إعمال الفكر بالتأمل والنظر العقلي، يبدو أنه تفعيل يعاني من إعاقة فكرية-ثقافية نتجت عن اختلاف وتناقض المناهج والإيديولوجيات.
ولا أدل على ذلك أنه رغم تحديد أسباب واضحة للتغير المناخي؛ فإن الشكوك مازالت تحوم حول مصداقية التغير المناخي برمته، واعتباره موضة غربية ترتدي ثوب العلم، وأن ترويجها من طرف الإعلام الغربي؛ إنما هو تسويق الاتجاه إلى السخونة لابتزاز دول ومجتمعات التخلف العلمي والتكنولوجي، استدلالا بأن الادعاء القائل أن مناخ الأرض يتغير نحو السخونة، تكذبه نشرات الطقس بالولايات المتحدة الأمريكية؛ كأكبر قوة تكنولوجية عالمية تفاجئ بالأعاصير والفيضانات التي تؤدي إلى غرق مدن كاملة، وأن سنة 2008 اعتبرت في مصر مثلا أبرد شتاء منذ عقود، كما اعتبرت أسوأ شتاء أصاب الصين بشلل تام منذ نصف القرن الماضي .
لم يقتصر التشكيك حول ظاهرة التسخين العالمي ممن يرفضون كل ما ينبثق عن الدول الغربية؛ وإنما ارتفعت انتقادات من داخل هذه الدول؛ من ذلك تعليق ريد بايسون أحد علماء الغلاف الجوي قائلاً: “لا يسمح لك بمجرد الحديث حول هذا الأمر إلا إذا قلت: التسخين العالمي، نعم، نعم، ثاني أوكسيد الكربون” .
ومن مظاهر الأزمة الإبستمولوجية التي يعاني منها الفكر المعاصر؛ تصرفه في الكون وكأنه خالقه، خاصة بعد التمكن من معرفة أسباب الظواهر الكونية والتنبؤ بها، مما شجع بعض الماديين إلى عزو الحوادث الكونية إلى أسبابها التي علموها، فازدوج إعراضهم عن آيات الله السمعية، بإعراضهم عن آيات الله الكونية، وفق تحليل أحادي مادي، سعوا جادين في تعميمه على مناهج التحليل، ووصفوه بأنه وحده يمثل التحليل الموضوعي المحتكر للصواب!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *