تطـورات الوضـع..

هناك في القاهرة تجتمع الوفود على عادتها للكلام والتنظير، وتحت سقف الجامعة العربية كان وزراء الخارجية العرب يتحدثون لحل الأزمة السورية، ولا ضير إن حضر معهم غير العرب كوزير خارجية روسيا سيرغي لافروق، مادامت الحلول حبرا على ورق، وما دامت الجامعة حلا غربيا في البداية.
خرج الجميع بالاتفاق على خمس مبادئ وافقت عليها روسيا: إيقاف العنف، وإنشاء آلية محايدة للمراقبة، وإيصال المساعدات إلى الشعب السوري، ورفض تدخل خارجي، ودعم مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان.
وفي دمشق يلتقي المبعوث كوفي عنان مع الرئيس بشار الأسد لإجراء محادثات بشأن أحداث سوريا، ثم لا يخرج إلا بالوصف: (إن الوضع خطير على الشعب والمنطقة برمتها)، وفي الوقت الذي يتجاذب فيه عنان أطراف الحديث مع الأسد، كانت إدلب تتجاذب الحياة في مجزرة راح ضحيتها أكثر من ستين شخصا وذلك بعد مظاهرة شعارها لبيك يا الله.
وبين هذين الخبرين، وبعيدا عن المقاعد الوثيرة، وخروجا عن القاعات المكيفة، خبر ثالث، سماؤه مروحيات تقصف، وهواؤه رائحة الدماء والدخان تنبعث من كل مكان، وأرضه جثث وأشلاء حمراء تنتشر في الأرجاء، الخبر مألوف: ازدياد قتلى الشارع السوري خاصة في إدلب، وانتشار حملات الاعتقالات، والله يعلم ما خفي..
وعلى فتات هذا الخبر أمام كاميرات الصحافة، تحاول الدول بزعمائها وممثليها لعب دور البطل، فتزبد وترعد، وترهب وتهدد، وأملهم الوحيد أن يأتي الفرج من اقتراحاتهم، ويكون الفتح على أيديهم، وأن تمتن سوريا أبدا لها إن قدر الله هلاك الأسد..
لكن البطولة تأبى إلا أن تكون لأصحاب الميدان، لتلك النساء اللواتي تتهدم البيوت على رؤوسهم، وأولئك الأطفال الذين يقتلون دون أدنى جريرة، وأولئك الرجال الذين يقفون بصدورهم العارية صدا لرصاص الطغيان والبغي، فشتان بين مقترح للحلول وهو جالس في الشط، وبين من يقتحم الأمواج بجسده.
أما منطقة بابا عمرو فبعد أن أوغلت فيها القطط الأسدية بمخالبها وأنيابها، ودكتها دكا بدباباتها، فهاهي تغادرها وقد ارتكبت فيها أبشع المجازر في تاريخ سوريا، ورجعت المنطقة خرابا خاوية على عروشها، وقد غادرها إلى الحدود التركية 400 شخص، ويزداد الانشقاق في صفوف الجيش النظامي ليلتحقوا بالتنظيم العسكري للثورة، ويكاد يسحب مقود السيطرة إلى الجيش الحر في بعض المناطق، ليتولى حماية المدنيين في الأرض، داعيا الله لرد قصف السماء.
وفي جديد الساحة السورية، تطلع علينا مقاطع فيديو فاضحة، صورها الجيش الحر، مفادها إلقاء القبض على مجموعة من الأشخاص ذوي الجنسية الإيرانية متلبسين بقنص الشعب السوري، وهو خبر يؤكد وبوضوح ضلوع إيران في سفك دم السوريين، ويكشف وبشدة طائفية الأسد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *