«الأحداث»: «متطرفون يؤطرون حياة أبنائهم بالحرام والمنع والاضطهاد»!!

خصصت يومية «الأحداث المغربية» في عددها رقم 5214، بتاريخ 24 فبراير 2014، صفحتين كاملتين لما أسمته «تقريرا» يرصد طريقة تعامل الملتزمين/المتطرفين مع أبنائهم، وأساليب تلقينهم لبعض أحكام الدين.
وإن كان المسمى «تقريرا» لا يعدو أن يكون «حْديث الرّْكـَانِي» وكلام سيق لملء الفراغ، والتعبير عن المعاناة الكبيرة التي يكابدها هذا المنبر والتيار الذي ينتمي إليه؛ جراء المد الإسلامي الجارف الذي يهدد تواجده، إلا أن هذا العمل يحتاج منا إلى وقفات، وإلى تأمل عميق لنقف على درجة الإسفاف والاستخفاف بعقول الناس، وجرهم قصدا وعلانية إلى عالم الغواية والانحراف والضياع.
فقد زعمت مُعِدة التقرير أن «أولياء وآباء سلفيين يحبسون أطفالهم في بيئة مغلقة ومحصورة.. فلا حديث لهم في البيت إلا عن الموت وعذاب القبر. فمشاهدة التلفاز حرام، ومشاهدة صور الفنانين حرام، حتى مطالعة الجرائد فهي بالنسبة لهم رجس من عمل الشيطان، والتعليم في المدارس العمومية حرام كذلك. يتعاملون مع أطفالهم بالأوامر والنواهي، وهذا مباح وذاك حرام، هذا خير وذاك شر، ويستندون طيلة اليوم إلى مرويات السلف وأحاديث الشيوخ».
كما أن جيران هؤلاء المتشددين يُعتبرون كفرة وفق «الأحداث» دوما، والحكم نفسه ينسحب على الأساتذة والعائلة غير الملتزمة بأحكام الدين ظاهرا!!
وادعت معدة التقرير أيضا؛ بعد أن أطلقت العنان لخيالها واسعا، وانتهكت خصوصيات السلفيين، واقتحمت خلسة بيوتهم المنيعة لتجالسهم، وتستمع إلى حديثهم العام والخاص؛ فعلمت أن «عائشة -ابنة الملتحي المتشدد- بكت بحرقة، فهي تريد أن تستمع إلى الموسيقى التي تحدثها عنها زميلاتها في المدرسة، حتى ابنة جارتهم فدوى كانت تحكي دائما عن هيفاء وإليسا ومريام فارس، بحيث أصبحت تعرف هاته الفنانات دون أن تشاهدهن أو تسمعهن..».
فكل مغربي تمسك بدينه واقتفى سنة نبيه سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم؛ فهو بالنسبة لأصحاب هذا التيار المتطرف سلفي متشدد يحرم أطفاله «من طفولة طبيعية ويقرر تلقينهم ثقافة سلفية تجاوزها الزمن كالفصل بين الإناث والذكور وارتداء الإناث للحجاب..» الأحداث.
فأين هي قيم الحرية التي يرفع العلمانيون شعارها صباح مساء؟ أين حرية الآباء في اختيار الطريقة التي يرونها صوابا لتربية أبنائهم وحمايتهم مما يعدونه انحرافا وفسقا وفجورا؟!
وإذا كان العلمانيون يؤمنون بالتعددية والاختلاف؛ فلماذا لا يحترمون اختيار الملتزمين بتعاليم دينهم؟ لماذا يكابرون بعدم الاعتراف أنهم يشكلون أقلية متسلطة على هذا المجتمع؟!
لماذا يصرون على إخفاء الحرب الإيديولوجية الممنهجة التي يخوضونها بالوكالة ضد كل مغربي يتمسك بشرع ربه؟!
ثم ماذا جنينا داخل بيوتنا ومؤسساتنا التعليمية.. جراء اللقطات الحميمية والمشاهد الجنسية المثيرة وثقافة الفيديو كليب؟ فالواقع يشهد أن الأنموذج المؤجج للشهوات يساهم يوما بعد آخر في ارتفاع خطير لأعداد «الأمهات العازبات»، والحمل غير الشرعي بين صفوف التلميذات والطالبات، والأمراض المنتقلة جنسيا، في مقابل تدني مهول في مستوى التحصيل العلمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *