العدالة والتنمية وخيار بداية المشاورات من الصفر “قراءة في ردود الأفعال” مصطفى الحسناوي

رغم أن بعض مداخلات أعضاء المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ذهبت حد رفض اشتراطات عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار، وأيضا رفض إشراك حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة.
وذهب بعض المتدخلين إلى مطالبة الحزب بفرض شروطه على الآخرين أيضا، كونه حزبا كبيرا، وكونه أيضا قدم تنازلات كبيرة، في إشارة لإعفاء الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران من مسؤولية تشكيل الحكومة وتعيين العثماني، مطالبين بالثبات على نفس المواقف، والذهاب لانتخابات أخرى إن اقتضى الحال.
رغم كل تلك المواقف الراديكالية، من قواعد الحزب، فقد عبرت لنا التصريحات التي استقيناها، من عدد من قيادات العدالة والتنمية، أن المجلس سيسهل مأمورية العثماني، بما يتوافق ومصلحة الوطن والإكراهات الداخلية والخارجية والاختيار الملكي والإرادة الشعبية.
وقالت ماء العينين، إن المجلس الوطني لن يسير إلا في اتجاه دعم العثماني.
في حين عبر الرباح عن تثمينه للاختيار وقال إن الحزب يمد يده لكل المصلحين، وطالب الأطراف الأخرى بالتنازل كما تنازل الحزب.
بلال التليدي من جهته قال إن الحزب كان عليه التعامل مع حزمة من التحديات والإكراهات الداخلية والخارجية، وأن هذا هو توجه المجلس الوطني الذي سيضع نصب عينيه تفويت الفرصة على المتربصين.
لحسن الداودي قال أنه بعد اختيار الملك للعثماني لم يعد هناك مجال للحديث عن الانتقال للمعارضة، وأن المجلس الوطني سيرسم الخريطة التي سيسير عليها العثماني.
من جهته قال مصطفى الخلفي أن للحزب قواعد وضوابط ومحددات تحكمه وهي الاعتدال والإصلاح والاشتغال تحت قيادة الملك. لذلك فكل مواقفه وقراراته محكومة بهذه القواعد.
الشوباني قال إن بلاغ الأمانة العامة حسم النقاش، وأن بنكيران حسب الشوباني، لم يكن مستقلا بقراراته واختياراته.
الرميد عبر عن تأييده للعثماني، لكنه لمح إلى إمكانية أن يخرج المجلس الوطني بقرارات مختلفة تماما عن الأمانة العامة.
عبد الإله بنكيران من جهته عبر عن ارتياحه للتعيين الملكي وقال إنه سيدعم العثماني.
وأكد المجلس الوطني العدالة والتنمية، الذي انعقد في دورة استثنائية يوم السبت الماضي بسلا، في بلاغه “عن اعتزازه بالتعيين الملكي للدكتور سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني والأمين العام السابق للحزب رئيسا للحكومة، مؤكدا دعمه له وحرصه على الاستمرار في مواصلة الإصلاحات التي بدأتها الحكومة السابقة بقيادة ابن كيران”.
كما عبر بلاغ المجلس الوطني على “تقديره العالي لحرص جلالة الملك على توطيد الاختيار الديمقراطي وصيانة المكتسبات التي حققتها بلادنا في هذا المجال، واختياره الاستمرار في التفعيل الديمقراطي لمقتضيات الدستور المتعلقة بتشكيل الحكومة، من خلال تكليفه شخصية ثانية من حزب العدالة والتنمية بصفته المتصدر للانتخابات”.
وفوض المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الأمانة العامة للحزب والعثماني رئيس الحكومة المكلف من الملك محمد السادس لقيادة مشاورات تشكيل الحكومة.
لا يمكن لحزب العدالة والتنمية كحزب إصلاحي معتدل محافظ وبراغماتي إلى حد ما، لا يمكنه إلا أن ينحو منحى التهدئة، وبداية المشاورات من الصفر، خاصة أن الملك قال لسعد الدين العثماني، أنه لازال يرغب بالاشتغال مع حزبه، الذي وصفه بالحزب الوطني الكبير.
إن هذه الشهادة الملكية في حزب بالمواصفات التي ذكرنا، تجعل التكهن بمسار المفاوضات أمر يسير إلى حد ما، خاصة مع استحضار ردود فعل أكبر الخصوم السياسيين.
فقد بارك كل من أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، وأمين عام حزب الاتحاد الاشتراكي، وأمين عام الحركة الشعبية، لسعد الدين العثماني، تكليفه من طرف الملك، بتشكيل الحكومة.
فتمنى إلياس العماري، من خلال بيان وقعه عن حزبه، التوفيق لسعد الدين العثماني، من أجل تكوين الحكومة، بما يخدم مصلحة الوطن، وهو أول بيان حزبي يهنئ العثماني على نيله ثقة الملك.
وأشاد لشكر بخبرة سعد الدين العثماني، خصوصا وأنه سبق وأن تقلد منصب وزير خارجية المغرب وتدرج في مختلف المسؤوليات.
وتمنى أن ينجح سعد الدين العثماني في حل “أزمة البلوكاج الحكومي” التي طالت لحوالي خمسة شهور، والوصول إلى الأغلبية الحكومية في أقرب الآجال.
وأبدى امحند لعنصر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، استعداد حزبه للتعاون مع سعد الدين العثماني، “للنجاح في مهمته، والخروج من حالة البلوكاج”.
وقال لعنصر: نحن لا نضع شروطا مسبقة، ولم نضع شروطا مسبقة كما “يعتقد”.
وأكد لعنصر، أن توجهات الحركة الشعبية الأساسية هو أن “تشتغل الحكومة بأريحية بدون أن تكون مهددة بفقدان الأغلبية المريحة”.
وأضاف قائلا: “نحن نقدر مرونة العثماني بالبدء في مشاورات جديدة دون تصلب، وسنساعده للخروج من حالة “البلوكاج” التي طالت ومست مختلف المؤسسات والمصالح”.
كل ردود الفعل هذه، مؤشرات على أن العثماني لن يبدأ مما انتهى إليه سلفه، كما أن الأحزاب الأخرى، لن تستمر على نفس الخطى، وسيتجه كل طرف لتليين خطابه ومواقفه والتنازل عن شروطه، للخروج من عنق الزجاجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *