يستند كل من المهدي المنجرة من خلال كتابه “الحرب الحضارية الأولى”، وصموئيل هنتنغتون من خلال كتابه “صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي” على فكرة انتقال منطلقات الحروب من حيِّز المصالح المادية كالسياسية والاقتصادية إلى حيِّز أوسع وأشمل وهو حيّز المصالح الحضارية الكبرى.
فلم تعد المصلحة الاقتصادية وحدها محركاً فاعلاً للمعتدين، وإنما الخصام الحضاري هو من يقوم بذلك.
كتابات الباحثين والمتخصصين، كالمنجرة وهانتنغتون وغيرهما، والواقع الذي نشاهده، يجعل من الحروب الحضارية، حقيقة لا مراء فيها.
لقد كانت الحروب منذ القدم ولا تزال ذات طابع حضاري إيديولوجي عقدي ديني، لإخضاع أمة من الأمم، ومسخ ثقافتها وهويتها، واستغلال ثرواتها.
الحروب الصليبية، الاستعمار الحديث، الحرب على الإرهاب، تصنيف الجماعات الإسلامية، محاربة المتطرف منها ثم المعتدل في مرحلة أخرى.
محاربة المشاريع الإسلامية والمشاريع الممانعة والمشاريع الهوياتية، في شقها المقاوم أو السياسي أو الدعوي أو الإعلامي أو الخيري الإنساني.
محاصرة قطر ولاحقا تركيا كل ذلك يدخل في هذا المخطط الجهنمي، الذي سينتهي بمحاربة الشعوب وتفتيت المنطقة وإشاعة الفوضى لهدم ما تبقى. وبسط السيطرة الكاملة على دولنا وأممنا وشعوبنا وحضارتنا.
في هذا الملف سنحاول ربط الحاضر بالماضي، لتجلية فكرة هذه المخططات وما يعتمل في المنطقة من مشاريع تروم تفتيت المفتت وتجزيء المجزأ، وسياسة التفرقة، وإشاعة الفوضى، استهدافا للإسلام وأهله، تحت عناوين وشعارات ومبررات كاذبة مضللة.