لم تعد السلفية ذلك المفهوم الواضح المعالم، وذلك المنهج المتفرد بين السبل والطرق، فقد تنازعها المتنازعون، كما حصل لغيرها من المفاهيم والمناهج والمدارس، فتفرقت طرائق قددا.
حتى أنك تجد في المسألة والقضية والنازلة، مواقف متضادة متضاربة، كلها تستقي من معين واحد، ومن ذلك ما نحن بصدد بحثه بخصوص الموقف من العملية السياسية عموما والانتخابات على وجه التحديد.
في المغرب كان التيار السلفي بمختلف روافده رغم اختلافه متفقا على مقاطعة العملية الانتخابية تصويتا وترشيحا، كل حسب مبرراته وتأصيلاته.
من قبل كان يمكن أن نميز بين فصيلين نطلق عليهما تجوزا “السلفية التقليدية” و”السلفية الجهادية”، وهي تسميات أمنية/إعلامية، لا علاقة لها بالواقع. لكن ثلاث محطات مفصلية، خلخلت الصف السلفي وأدت إلى تصدعات وانشقاقات ومراجعات، جعلت المشهد السلفي في المغرب يعرف دينامية فريدة. محطة أحداث 16 ماي، محطة إغلاق دور القرآن، محطة 20 فبراير.
قلت، لم يعرف السلفيون المغاربة من قبل إلا موقف المقاطعة، قبل أن تتشكل قناعات وتوجهات أخرى بعد المحطات الثلاث التي ذكرنا ويمكن أن نجملها في:
المقاطعة بإطلاق ويمثله:
توجه سلفي يرى أن دخول البرلمانات شرك بإطلاق، لأنه مشاركة لله في أخص خصائصه وهو التشريع.
توجه سلفي يرى أن ذلك انشغال بما لا يجب، وأن ولاة الأمر الذين كلفهم الله بأمورنا، كفونا أمور السياسة.
المشاركة بشروط ويمثله:
توجه اختار الترشح مساهمة في خوض غمار معركة الإصلاح من داخل المؤسسات، وهذا تبنى أدبيات وتأصيلات الأحزاب الإسلامية المشاركة منذ عقود.
توجه اختار التصويت للأصلح، تقليلا للشر ومزاحمة للفساد.
وقد عرف التيار السلفي مراجعات لموقفه من العملية الانتخابية، ويبقى غلاة التبديع وغلاة التكفير، من أكثر السلفيين بعدا عن التفاعل مع الواقع وتقديم البدائل، لذلك فهم غير معنيين بهذا النقاش.