الاعتصام بحبل الله سبيل وحدة الأمة

إنَّ نعم الله علينا عظيمة، وأعظم هذه النعم بعد نعمة الإيمان والهداية هي نعمة الأخوة في الله التي جعلت أبناء أمة الإسلام تربطهم علاقة متينة راسخة هي علاقة الدين التي هي أقوى من علاقة النسب، وهي العلاقة التي جعلت المسلمين جميعاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى رغم اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم يوحدهم الاعتصام بحبل الله والانضواء تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ولقد ذكر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بهذه النعمة العظيمة بعد أن كانوا قبل الإسلام متقاتلين متحاربين لأقل الأسباب وأتفهها فقال سبحانه: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً آل عمران:103.
أمرهم الله سبحانه أن يذكروا نعمته عليهم إذ كانوا أعداء مختلفين يقتل بعضهم بعضاً وينهب بعضهم بعضاً فأصبحوا بسبب هذه النعمة إخواناً متحابين. (فتح القدير 1/367).
وذكر صاحب التحرير والتنوير أثناء تفسيره لهذه الآية دور الاعتصام بالله والتمسك بدين الله في وحدة المسلمين الأوائل وبالتالي في وحدة أبناء أمة الإسلام في كل زمان وإلى قيام الساعة، فقال رحمه الله تعالى:
“يصور الله سبحانه حال المسلمين قبل إسلامهم ليحصل من استفظاعها انكشاف فائدة الحالة التي أمروا بأن يكونوا عليها وهي الاعتصام جميعاً بالإسلام الذي كان سبب نجاتهم من تلك الحالة، وفي ضمن ذلك تذكير بنعمة الله تعالى الذي اختارهم لهـذا الديـن، وفي ذلك تحريض على إجابة أمره تعالى إياهم بالاتفاق والتذكير بنعمة الله تعالـى طريـق من طـرق مواعظ الرسـل..”.
أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الأنصار في شأن غنائم حنين فقال لهـم: “يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي”.
فمن خلال ما تقدم نلاحظ دور الاعتصام بحبل الله في توحيد الأمة ورفعتها وكيف أن الالتفاف حول هذه العقيدة سبيل إلى تماسك الأمة وصلابتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *