إن صور الأشلاء والدماء والدمار التي يخلفها القصف الصهيوني في فلسطين، وطائرات الاحتلال الأمريكي في العراق، تم الاحتفاظ بها ضمن ملفات سوداء لا تمحى من ذاكرة الأمة، هذه الجرائم تسجل باسم الجلاد ومعاونيه، فما يحدثه السلاح الأمريكي والصهيوني والمباركة الأوربية سيحظى بجزء من هذه الملفات.
هذه الملفات السوداء ليست لمجرد الحفظ في أرشيف التاريخ، بل سيكون لها ما بعدها، بالرغم من إخفاء الكثير فلا تزال الأيام تكشف لنا جرائم ومؤامرات جديدة.
وحدها هذه المشاهد والملفات كفيلة بجمع مخزون هائل من الحقد والكراهية ضد اليهود وأمريكا.
إن ما تقوم به أمريكا في العراق وأفغانستان والسودان وغيرها من الدول بصورة مباشرة أو غير مباشرة وفي أماكن متفرقة من العالم، وتصريحات مسئولي الغرب التي طالما حملت في طياتها المواقف الظالمة وأظهرت الحقد الدفين على الإسلام وتعاليمه والتناقض والازدواجية في التعامل، هذا كله يجعلنا نتساءل:
هل هناك مسابقة لصناعة الإرهاب في العالم؟
وهل هناك سباق مع الزمن لتحقيق الفوز في هذه المسابقة؟ أظن الجميع على يقين أن أمريكا ومعها الصهاينة قد حازوا على المركز الأول، لأنهم تفننوا في صناعة الإرهاب وغرسه في نفوس الكبار والصغار، الرجال والنساء، المسلمين وغير المسلمين.
إن الحديث عن الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان والنظام العالمي الجديد، بل حتى هيئة الأمم المتحدة أو ما يسمى بعملية السلام انتهى، فإن لم يكن عند القادة كذلك، فمن المؤكد أنه عند عامة الناس والكثير من النخب السياسية والثقافية أصبح كعدمه.
إن عوامل انهيار الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي دولة صهيون بدأت تتراكم، لقد ظهر جلياً للجميع الكثير من الحقائق التي طالما كنا نسمعها ولا نصدقها.
إن الانتقام من المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ورجال عزَّل ما هو إلا مؤشر على مدى الضعف والعجز الذي وصل له المحتل الأمريكي في العراق، إذ لم يستطع أن يوجه سلاحه على المقاوم، لقد قام الكيان الصهيوني على أساس أن الشعب لخدمة الجيش، ووسط هذا المحيط العربي الإسلامي لا سبيل لاستمرار هذه الدولة الصهيونية إلا بوجود القوة، فإذ بهذه القوة تتحول إلى سراب.
ولكم أن تتخيلوا ثمن الدواء الذي سيشفي ويزيل الحقد والغل من صدر من فقد أباه أو أمه أو ولده أو بيته أو قريبه أو ما يملك، بل إن الأمر يعني كل مسلم شاهد هذه المآسي وحفرت صورها في ذاكرته، وربما لم تفارقه مدى الحياة، لقد وصلوا بكثير من الناس إلى درجة يستوي فيها عندهم الحياة والموت.
والسؤال الأخير والأهم: من سيدفع ثمن هذا الدواء؟!
سأترك الجواب للأيام القريبة والتي ستكون مشحونة بمزيد من الغضب والانتقام، ومشاهد الدماء لن تكون مقتصرة على البلدان المسلمة المحتلة بل ستتعداها كما وقع في بعض الدول الإسلامية ومنها بلدنا المغرب.
إن هذا ليس توقعاً بل ببساطة إنها رد الفعل الطبيعي، على جرائم لا يوجد لها أي مسوِّغ ولا يجدي معها أي اعتذار إن وجد الاعتذار أصلاً، هي وحدها كفيلة لصناعة الإرهاب وتذكية ناره في النفوس.
لم تعد الشعوب الإسلامية تعول على الكثير مما كانت تعول عليه في الماضي، فكثير من الشعارات والأقنعة قد سقطت، وبدأت الشعوب بنفسها تتجاوز المراحل، وغدت الأفكار الغريبة في الماضي القريب قناعات اليوم العصيب.