1- ما هي ملابسات الحادث المأساوي الذي هز الأوساط التعليمية والاجتماعية بمختلف ربوع المملكة؟
تعرض الأستاذ محمد الشاوي -أستاذ مادة الرياضيات- لاعتداء شنيع من طرف أحد تلاميذه، وترجع ملابسات الحادث إلى يوم الإثنين 24 دجنبر 2012؛ وعلى الساعة 11:30 صباحا وبالضبط في القاعة رقم:10، حيث أمر الأستاذ التلميذ بخلع قبعته حسب شهادة التلاميذ، لكن وبينما الأستاذ يكتب على السبورة باغته بضربة غادرة في عنقه من الخلف ثم سدد له ضربة ثانية وهذه المرة على مستوى الصدر، لكن الأستاذ صدها بيده اليسرى حيث أصيب بجرح غائر، نجم عنه عاهة مستديمة أفقدته القدرة على تحريك أصابعه؛ وقد تطلب الأمر نقل الضحية الذي كان في وضعية حرجة على وجه السرعة إلى مستشفى “مولاي عبد الله”، ثم إلى “المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا” بالرباط، خصوصا وأن الأستاذ يعاني من مرض السكر؛ ولولا لطف الله عز وجل لكان الأستاذ في عداد الموتى الآن.
ومن خلال ملابسات الحادث يتضح أن التلميذ كانت له نية مبيتة للاعتداء على الأستاذ، فقد كان حاملا لسلاح أبيض من الحجم الكبير في محفظته؛ كما أنه وحسب زملائه في الفصل كان حانقا على الأستاذ منذ مدة؛ لكن التحقيق هو الذي يستطيع أن يجيب على كل الأسئلة التي لازالت عالقة.
وبالمناسبة فالتلميذ لازال لحد الآن هاربا لم يلق القبض عليه بعد.
2- كيف كان وقع الحادث على الوسط التعليمي بالمؤسسة؟
خلف الحادث استياء كبير وخوفا وهلعا لدى كل العاملين بالمؤسسة من إداريين ومدرسين وتلاميذ، فالكل مصدوم من هول هذه الحادثة المريعة، وخصوصا وأن الأستاذ الضحية مصاب بمرض السكر ولم يتبق له إلا هاته السنة ليحال على التقاعد، أهكذا يكرم رجال ونساء التعليم الذين أفنوا أعمارهم في العطاء والبذل في سبيل خدمة أبنائهم ووطنهم؟
لقد أصبحنا نحن الأساتذة نخاف على أنفسنا، ولا أجد خيرا من عبارة إحدى الأستاذات التي قالت فيها: “إن التلاميذ أصبحت تنظر إليهم وكأنهم أعداء لها”؛ لقد أصبحنا فعلا نخاف أن ندخل حجرة الدرس ونغلق خلفنا الباب.
3- حسب تقييمكم ما هي الأسباب الكامنة وراء هذه الأعمال الإجرامية والتردي الخلقي بين صفوف التلاميذ؟
أسباب الحادث يتحملها المجتمع كله وسأحاول تلخيصها في النقاط التالية:
– فشل المنظومة التربوية التي يجب إعادة النظر فيها، مع ضرورة إشراك كل الأطراف المتدخلة في العملية التربوية من أساتذة وعلماء ومختصين في الحقل التربوي والتعليمي فأهل مكة أدرى بشعابها. لايعقل أن نستورد مناهجنا وبرامجنا من الخارج بملايير الدراهم، من مجتمعات تختلف عنا كليا من ناحية الموارد والطبيعة المجتمعية والتركيبة العقلية، ثم نسقطها على مجتمعنا، فمَثل هذا كمن يحاول زرع عضو غريب في الجسم.
– التهميش والإقصاء الذي تعاني منه مادة التربية الإسلامية (من جهة المعامل فهو 2، من جهة عدد الساعات التي لا تتعدى ساعتين أسبوعيا، ومن جهة الأطر التي تدرسها فغالبا تعطى لأساتذة غير مؤهلين لتدريسها)، مع العلم أنها مادة مهمة جدا تعنى بالجانب التربوي والعلمي والأخلاقي، كانت حقا ستخفف من حدة الظواهر المنتشرة داخل المؤسسات لو أعطيت لها العناية اللائقة بها.
– هناك انتشار مهول لترويج وتعاطي المخدرات خارج المؤسسات التعليمية بل وحتى داخلها، بين صفوف المتعلمين من الجنسين معا.
– الغياب التام للأمن داخل المؤسسات وخارجها، ففي مؤسسة “الكتبية” مثلا، هناك حارس واحد يقوم بمهمة فتح أبواب المؤسسة وغلقها، ويقوم بدور الحفاظ على الأمن كذلك، وهذا غير معقول.
– افتقار المؤسسة لأنشطة موازية تهتم بالتلميذ باعتباره إنسانا له ميولات ورغبات ومواهب، يستطيع من خلالها أن يعبر عن نفسه.
– تخلي الأسرة عن دورها في تربية أبنائها ومراقبتهم. فمجموعة من التلاميذ بلغوا من الانحلال وسوء الأخلاق مبلغا كبيرا (لباسهم، طريقة كلامهم، طريقة تعاملهم…) وكأنه لا أسر لهم.
– وسائل إعلامنا التي أصبحت تقدم الجرائم لأبنائنا على طبق من ذهب من خلال برامجها، فتعطيهم كل التفاصيل التي يحتاجونها لارتكاب فعل إجرامي مثل هذا الذي هز الوسط التعليمي والاجتماعي ببلادنا.