لماذا اخترنا الملف؟

مباشرة بعد التقدم بمشروع قانون تجريم التطبيع في 29 من يوليوز 2013 وموافقة كل من حزب العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية على مسودة المشروع، توالت التصريحات من هنا وهناك، وخرجت العديد من المنابر الإعلامية والصهيونية خاصة للتنديد بهذا القانون؛ ووصفت الأحزاب الموافقة بـ”الأصوات التي تعادي السامية في المغرب”.
ووافقها على طرحها هذا نتوءات أعلنت مبكرا رفضها للمشروع؛ ووصف العلماني المتطرف عصيد القانون بـ “الغلو والتطرف”، وزعم أنه “سيقود إلى محاكم التفتيش”.
وليس هذا أمرا مستغربا من هذه الفئة التي لها علاقات مشبوهة مع الصهاينة، وتترس وراء الأمازيغية لتمرير أيديولوجية لائكية، فمن قبل عصيد صرح الدغرني للقدس برس أن مسألة العلاقات الأمازيغية الصهيونية هي “إحدى وسائل الدفاع عن النفس، ضد الاستهداف الذي يتعرض له أمازيغ المنطقة المغاربية من القوميين العرب ومن بعض المتطرفين الإسلاميين”، كما أشار إلى أن العلاقات مع الجانب الصهيوني أو مع غيره من الدول تمثل ما سمّاه “مصلحة أمازيغية لمواجهة الاستهداف العربي والإسلامي”؛ وهو المبرر نفسه الذي يقدمه فرحات مهني رئيس حكومة القبايل الوهمية.
أكيد أن هاته المواقف لا تمثل على الإطلاق رأي الأمازيغ المغاربة؛ على اعتبار أن الأمازيغ من أوائل المساندين للقضية الفلسطينية، ومن المطالبين دوما باسترجاع حقوق الشعب الفلسطيني من منطلق ديني لا إنساني فحسب.
وليست هذه المحطة التي نثير حولها النقاش اليوم هي الأولى من نوعها بخصوص موضوع التطبيع على اعتبار أن المغرب قد شهد محطات غيرها احتدم حولها الصراع، ونذكر منها ما وقع للمهندس الشاب محمد بن زيان الذي فصل عن عمله بسبب رفضه المشاركة في دورة تدريبية نظمتها شركة Sofrecom Maroc، وأشرف عليها خبراء صهاينة.
وتقدم جريدة معاريف العبرية بطلب إلى وزارة الاتصال المغربية باعتماد مراسل لها بالمغرب يدعى “نوعام شمعون” ، يهتم بتغطية الأخبار السياسية والرياضية والاقتصادية والتجارية، وكذا أخبار الطائفة اليهودية.
كما صادرت مصالح الجمارك المغربية في أبريل 1995 منتجات كان سيشارك بها 7 صهاينة من رجال الصناعة في معرض تجاري بالدار البيضاء، أدلى وزير الصناعة والتجارة الصهيوني آنذاك “ميشا هاريش” بتصريح هدد من خلاله المغرب بسبب رفضه السماح للمستثمرين الصهاينة المشاركة في معرض البيضاء، وجاء في ثنايا تهديده أن هذا الرفض سيضر اقتصادياً بوضع المغرب.
وزعم الصهيوني “هاريش” حينها وفق ما نقلته يومية “جوريزاليم بوست” أن موقف المغرب يناقض مبادئ تحرير التجارة كما جاءت في اتفاقية “الغات”، مضيفا أن المقاطعة السياسية للكيان الصهيوني ستخلف ردود فعل قوية من لدن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
إنها محطات فحسب وإلا فإن موضوع التطبيع وعمل الصهاينة على اختراق المجتمع المغربي أكبر من ذلك بكثير، وما كنا لنحتاج لتجريم التطبيع لولا مسارعة بعض اللائكيين في الصهاينة، وعملهم الدؤوب على خدمة مشاريعهم الهدامة والمفككة للمجتمع.
وحتى نسلط الضوء على هذا الموضوع المهم وننور الرأي العام حول أهمية مشروع تجريم التطبيع وحقيقة من يعارضه ويسعى إلى إجهاضه ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *