لماذا اخترنا الملف؟

لعلمها بخطورة المد الشيعي على العقيدة السنية للمغاربة ومساهمة منها في الحفاظ على سلامة هذه العقيدة المباركة من أي استهداف خارجي، بادرت جريدة السبيل في شهر ربيع الآخر 1427هـ/ ماي سنة 2006م بإعداد ملف من ثمان صفحات حول التشيع في المغرب، أوضحت من خلاله خطر هذه الفرقة على الإسلام ومعتقدِ أهل السنة والجماعة، ولم تغفل الجريدة عن التطرق لهذا الموضوع المهم، والتحذير من خطره في العديد من محاورها، وتفردت بنشر حقائق مهمة، كشهادة أحد المستقطبين المغاربة للدراسة في قم، وكشف الاختراق الشيعي للمعرض الدولي للكتاب.. وتتبعت بعض الكتاب الذين تبنوا مهمة تشييع الشباب المغربي، ونشر الفكر الرافضي والتنظير له.

وفي ظل المبادرة التي اتخذتها الحكومة المغربية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية إيران، تضاربت الأقوال حول السبب الحقيقي الكامن وراء هذا الموقف الجديد، هل هو راجع لأسباب سياسية؟ أم عقدية مذهبية؟
ومن تم فتح ملف التشيع في المغرب على مصراعيه، وتدخل فيه عديد من الباحثين والمهتمين بالتحليل والنقاش.
وعلى كل حال، وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الحكومة المغربية للقيام بهذه المبادرة، فإنه يجب علينا أن نثمن هذا العمل ونباركه، باعتباره خطوة إيجابية يجب استثمارها، مع التنبيه إلى أن التشيع ليس هو الخطر الوحيد الذي يتهدد أمن واستقرار ووحدة بلدنا، فتزايد المد التنصيري، والدعوة إلى علمنة المغرب، والتطرف الأماريغي، والتطبيع مع الشذوذ والرذيلة والفاحشة.. كلها أخطار تهدد أمننا واستقرارنا وحدتنا.
كما يجب ألا تغيب عن أذهاننا أبدا ونحن نفتح هذا الملف المهم حقيقةٌ مفادها، أنه ليس كل من حارب عدوي فهو صديقي، نعم الصهاينة والصليبيون أعداؤنا التاريخيون، يجب علينا أن نكون واعين تمام الوعي بخطورتهم، وبمخططاتهم التدميرية الرامية إلى نسف الدين والعقيدة، لكن الرافضة هم شر أهل البدع الذين ثبتت خيانتهم للإسلام عبر التاريخ.
“ولو نظرنا كيف قامت الدولة العبيدية الباطنية الحاقدة على السنة وأهلها في القيروان والمغرب؛ لوجدناها قامت على إثْر بغضاء بين الشعوب وحكامهم بسبب ظلم حكامهم، ثم جاء العبيديون فنصرهم الناس للتخلّص من ظلم حكامهم، فلما تمكّنوا أهلكوا الحرث والنسل، وحاول من كان قد نصرهم أن يخرج عليهم ويعيد الأمر إلى ما كان عليه، ولكن، ولات حين مناص، واستمروا أكثر من 280 سنة، وهكذا العامة إذا جهلوا دينهم فلا يعرفون عدوًا من صديق، ولا ينظرون إلى عواقب ثوراتهم، وهذا يجعل الشعوب الثائرة بجهل ترجو السلامة بين أنياب الأسُود عند فرارها من مقارض الفئران”.
إن بعض الدعوات الإسلامية المنبهرة بثورة إيران وجمهوريتها، يعتبرون الشيعة مذهبا إسلاميا خامسا، وأن الخلاف بيننا وبينهم محصور في الفروع لا الأصول، ناسين أو متناسين كل الحقائق العقدية والتاريخية والسياسية، إلى درجة رفض بعضهم وصف إيران بدولة الرافضة، وأنهم يكفرون ويلعنون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقذفون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالزنا، علما أن كل ذلك ثابت موثق من كتبهم ومراجعهم، وصرح به علماؤهم وآياتهم.
إن بغض الرافضة للصحابة ثابت مستمر إلى اليوم، فهاهم يترحمون على اللعين أبي لؤلؤة المجوسي، قاتل عمر الفاروق ويزورون ضريحه، وينشرون بين أتباعهم دعاء صنمي قريش الذي يلعنون فيه وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبشون قبر الصحابي الجليل أنس بن مالك في منطقة البصرة.
كفانا وهما ومخادعة، إن الرافضة لا يدعون إلى تقارب الآراء وإنما يدعون إلى تقريب أهل السنة إلى مذهبهم تصريحًا أو تلميحًا، وهو ما صرح به إمامهم ومجددهم الخميني في كتابه “الحكومة الإسلامية” (ص:35)، وهو يتحدث عن الوحدة الإسلامية وأنه ينظر إليها من خلال مذهبه أي أن يتشيع الناس، واستشهد على هذا بقول منسوب إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها: “طاعتنا نظامًا للملة وإمامتنا أمانًا من الفرقة”.
لقد كان لعلماء الإسلام -على مر العصور- مواقف واضحة بينة اتجاه الرافضة، جوهرها ذمهم وبيان باطل نحلتهم، والتحذير من ضلالاتهم، والإرشاد إلى ضرورة مجانبتهم، فقد سئل الإمام مالك عن شر الطوائف، فقال: “الروافض” (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 5/307)، وقال: “إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في أصحابه حتى يُقال رجل سوء، ولو كان رجلاً صالحًا لكان أصحابه صالحين” (الصارم المسلول)، وقال رحمه الله تعالى: الذي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس لهم سهم: -أو قال-: نصيب في الإسلام (السنة للخلال 2/557).
قال ابن كثير -عند قوله سبحانه-: “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..” الآية، قال: “ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه وفي رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك” (تفسير ابن كثير: 4/219، وانظر: روح المعاني للألوسي: 26/116).
قال القرطبي: “لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن تنقص واحداً منهم، أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين” (تفسير القرطبي: 16/297).
فكيف لنا بعد كل هذه الأقوال أن نوالي من يقذف أمنا بالزنا، وقد طهرها الله من فوق سبع سماوات؟
كيف لنا أن نواد من يكفِّر من اصطفاهم الله لصحبة رسوله، وتبليغ الوحي من بعده؟
كيف لنا أن نتعاطف مع من يزعم أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم حرِّف؟
كيف لنا أن نتحالف مع من يعتبرنا أنجاسا، كفارا مرتدين؟
إن العقيدة هي الفيصل بين دعوة الأنبياء وغيرهم، وهي مقياس القبول والرد، والاستحسان والاستهجان، وهي التي لا تقبل المساومة أو التفاهم، ولم يسكت العلماء أبدا على عقيدة ضالة باطلة، فضلا أن يقبلوها لمصالح دنيوية، أو طمعا في تفادي الخلاف والشقاق المتوهم.
نحن نريد أن نصدق أن إيران ليس لها أطماع ولا نوايا توسعية في بلاد أهل السنة، وأنها تريد فقط الدفاع عن حياض الإسلام، لكن ما يصدر من طهران لا يسعف حسنَ الظن أبدا، فتورطها في لبنان والعراق وأفغانستان وفلسطين واليمن والسعودية والبحرين والإمارات..، وتنكيلها بأهل السنة في العراق وأفغانستان، وتواطؤها وتحالفها من العدو للتمكين له في هذه البلاد، وما تصرح به آياتهم ومراجعهم من بغض للسنة وأهلها، كلها حقائق مؤشرات تفيد أن شيعة اليوم هم شيعة الأمس.
وتبصيرا للرأي العام، وتحملا للأمانة في الكلمة، وحتى لا نغرق في التحليل السياسي وننسى التحليل العقدي، ارتأت جريدة السبيل فتح ملف في الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *