يُعرَّفُ علم التفسير على أنه: «علم يُفهم به كتاب الله المنزّل على نبيّه محمّد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحِكمه».
وهو أشرف العلوم منزلة وأرفعها مكانة لكونه وسيلة لفهم كلام ربنا سبحانه وتعالى وتدبره، وكيف لا يكون أجلَّ وأشرفَ العلوم وشرف أي علم كما يقال بشرف المعلوم، ومعلوم هذا العلم إنما هو كلام الله.
لقد نشأ علم التفسير مع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والتابعين وتابعيهم، جيلا بعد جيل يتصدر له العلماء المتقون المتقنون، والحكماء الورعون المتفننون، حتى دخل معهم غيرهم في هذا الفن ليأتي بالعجائب والغرائب التي ترفضها الفطر السليمة وتنفر عنها النفوس المستقيمة ويأباها القرآن أشد الإباء.
لتظهر الأقوال الشاذة والآراء المذمومة، التي أطلقها أصحابها جزافا ومجازفة، رواية عن الحق سبحانه بغير علم ولا برهان، وألصقوها بالتفسير البريء منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
فالأولى مجانبة الصواب في معنى الآيات لمخالفته طرق التفسير المعتبرة شرعا، أو ما استقر عليه الإجماع، وظهرت عند أصحاب المذاهب العقدية الباطلة.
والثانية ما كان باعثا لها الهوى المحض انتصارا لرأي أو اتجاه معين، وهي أيضا من القول على الله بغير المحرم شرعا.
ولا يجد المتتبع لتفاسير الشيعة المستقصي لأخبارها عناء في الخلوص إلى حقيقة جمعها بين الطامتين معا، فهي خليط بين الأقوال الشاذة والآراء المذمومة، مبتدعة بذلك أقوالا خرافية يستهجنها البلهاء فضلا عن العقلاء.
ومن جملة تفاسير الشيعة تفسير علي بن إبراهيم القمي أصل أصول التفاسير عندهم، وتفسير العياشي، وتفسير فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، وتفسير الصافي لشيخهم محمد محسن المعروف بالفيض الكاشاني، وتفسير نور الثقلين لشيخهم ومحدِّثهم الحويزي، وتفسير الميزان والبيان وهما معاصران.
وإليكم بيان ذلك ضمن جولة سريعة في تفاسير الشيعة، وما جادت به أفهام أصحاب العمائم من تفسيرات باطنية يتلاعبون بها بنصوص القرآن بعدما صنعوها وألصقوها بآل البيت كذبا وزورا.
1- قوله تعالى من سورة البقرة: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) الآية: 26.
أ – في تفسير القمي 1/48: «عن أبي عبد الله (ع) إن هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين (ع) فالبعوضة أمير المؤمنين (ع) وما فوقها رسول الله صلى الله عليه وآله».
ب – تتكرر الرواية حرفيا في تفسير نور الثقلين للحويزي (1112 هـ) 1/45.
فتفسير علي -رضي الله عنه- بالبعوضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بما فوقها رأي مذموم وشذوذ منبوذ، صنعه الرافضة الجهال اتباعا لأهوائهم، وهوسا بحب آل البيت بزعمهم.
2- قوله تعالى في سورة النحل: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) الآية:68.
في تفسير القمي 1/387، وفي تفسير الميزان 12/308، وغيره في تفسير هذه الآية: ثم جعله أمير النحل فقال: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) قال الصادق(ع): «فينا نزلت، فنحن النحل، والجبال شيعتنا، والشجر النساء من المؤمنين، والأئمة (ع) النحل، وعلي أميرهم(ع)».
هذا أشد أنواع الخبل، وأسطع الأدلة على معاداة أصحاب العمائم لآل البيت الأطهار الذين لا يحبهم إلا أهل السنة الأخيار، أما الروافض الجهال فيحبون البعوض والنحل على حد تفسيراتهم الشاذة.
3- قوله تعالى في سورة يس: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) الآية:12.
في نجاة الهالكين لمحمد أبي خمسين الأحسائي في معرض زعمه إحاطة علي بن أبي طالب بالأشياء جزئيها وكليها يقول: «..فتصديق لقوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) والإمام المبين هو أمير المؤمنين (ع) باتفاق الشيعة» ص:136.
ونقل عن صالح بن سهل قوله: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقرأ: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ). قال: في أمير المؤمنين عليه السلام».
يروي القمي في تفسيره عن ابن عباس، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: «أنا والله الإمام المبين، أبين الحق من الباطل، ورثته من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (2/187).
وتردد هذا التفسير في تأويل الآيات الظاهرة (ج2ص487ح2)، وتفسير البرهان (ج4ص6ح7)، وبحار الأنوار (ج24ص158ح24).
هذا ما جادت به أفهام الشيعة المنتكسة، وسطرته أياديهم الخبيثة، من زخرف القول الذي أوحي إليهم به، ملبسين إياه لبوس التفسير بينما هو مجرد زبد (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).
4- قوله تعالى في سورة الزمر: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الآية:39.
أ- في تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي لهذه الآية: «عن أبي جعفر(ع) في قوله: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)، قال: لئن أشركت بولاية علي ليحبطن عملك».
ب- يقول علي بن إبراهيم القمي في تفسير هذه الآية: «لئن أمرت بولاية أحد مع ولاية علي من بعدك ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين» 2/251.
فهل هذا تفسير؟ وأين عقيدة التوحيد؟ هذا لا يعدو كونه مجرد تعسف ولي لأعناق النصوص بتحميلها ما لا تحتمل والدلالة منها على ما لا تدل عليه مسايرة لدين الشيعة الحادث وخرافاتهم المحدثة.
هذه قطرة من فيض من خرافات لا تنتهي شحن بها أصحاب العمائم الشيعية كتب التفاسير المعتمدة عندهم ضاربين بها أروع الأمثلة في الأقوال الشاذة والآراء المذمومة التي لم ولن تجد سبيلا إلى عقول أهل السنة أصحاب الفطر السليمة.