هو أبو سالم عبد الله المدعو الكامل ابن محمد بن عبد الله الحسني العلوي الأمراني الفاسي الدار والوفاة، العالم العلامة الحافظ.
ولد رحمه الله بمدينة فاس سنة(1260هـ) ، وتوفي والده وتركه صغيرا فتكفل به العلامة عبد الكبير بن الطاهر الفاسي لما كان بينه وبين والده من الأخوة، وأسكنه بزاويتهم الفاسية، وقام بنفقته إلى أن قضى وطره من العلم، وسافر لمكناسة بقصد السكنى فيها وكان هو يعترف بذلك، فقرأ عليه كثيرا كما قرأ على أبي العباس أحمد بن محمد بناني المدعو كَلاَّ (ت1306هـ) قرأ عليه الحديث والتفسير، والفقيه أبي عبد الله محمد بن المدني كنون(ت1302هـ) قرأ عليه الموطأ والبخاري والمختصر والألفية وجمع الجوامع، والسلم والسنوسية وغير ذلك، وسيدي أحمد السلاوي التطواني قرأ عليه البخاري والمختصر والتحفة والألفية وغير ذلك، ولازمه كثيرا، وسيدي المهدي بن محمد بن الحاج قرأ عليه البخاري والشمائل ومنظومة سيدي العربي الفاسي في المصطلح، والنصيحة الزرقونية والتحفة والمختصر والألفية وغير ذلك، والعلامة أحمد بن أحمد الورياغلي قرأ عليه مغني ابن هشام والألفية وغير ذلك، وسيدي قاسم بن محمد القادري الحسني قرأ عليه العضد والسلم، ومولاي محمد بن عبد الرحمن العلوي قرأ عليه البخاري والمختصر والتحفة الزقاقية، والعلامة محمد بن عبد الواحد بن سودة قرأ عليه الألفية وغير كثير رحمة الله عليه وعليهم أجمعين.
ولما تضلع عبد الله الأمراني في العلوم ما بين منطوق منها ومفهوم وبلغ فيها مبلغا كبيرا خصوصا علم الفقه والتفسير والحديث والسير والعربية، انقطع للتدريس وأخذ مجلس الشيخ محمد بن التهامي الوزاني بالقرويين بعد وفاته، فدرس مختصر خليل بشرح الزرقاني وبناني والخرشي، فأذهلت دروسه الحاضرين تحريرا وتحقيقا، وكان له رحمه الله حفظ عجيب وعارضة قوية في التدريس ومعرفة بتنظيمه وترتيبه وتلخيص المسائل وسبكها وتصويرها بأبسط عبارة مع الإعراب والفصاحة والبلاغة، شديد الاعتناء بالعلم وتعظيمه، دؤوبا على مطالعة الكتب في أوقات معينة لا يتأخر عنها إلا من عذر، حائزا جماع الفضائل من تواضع وزهد وتقوى، ودوام على النوافل من صيام وصلاة وصدقة، حسن السمت والهيئة والتأنق في اللباس، حسن الظن في الناس، كل ذلك جعل الطلبة يلازمون مجالسه ويحضرون دروسه، فتخرج على يديه جم غفير من علماء المغرب ومفكريه من أشهرهم: الفقيه محمد الفاطمي الشَّرَّادي(ت1344هـ)، والفقيه محمد بن الحسن الحجوي(1376هـ)، ومسند المغرب عبد الحي الكتاني(ت1382هـ)، والمحدث عبد الحفيظ بن محمد الطاهر الفاسي(ت1383هـ)، وغيرهم.
قال عنه الحجوي رحمه الله: “بيت المجد الصميم، والفضل العميم، رضع ثدي المعار ف على الشيخ جنون الكبير وطبقته، فكان من الناجحين في حلبته، إلى أخلاق عالية، ونفس في المكرمات سامية، وتحقيقات للمسائل العلمية بادية، حضرت دروسه الفقهية فكانت آية الآيات تتضاءل لديه المعضلات مع مشاركة واسعة، وتقوى الله لذلك نافعة، للأدب والتواضع فيه انطباع يجذب الطباع مع رحب باع، وحسن اطلاع، وتحرير عميق يشنف الأسماع، ينثر في درسه الجواهر التي تزري بالزواهر.
وقال أيضا: “أجل عالم رأيته في بيت الأمرانيين؛ فقه محرر، وعلم بمكارم الأخلاق مؤزر، فكان العلَم الأشهر؛ ذا نزاهة وتقوى، وتمسك بالحبل الأقوى”.
وقال المؤرخ عبد السلام بن سودة: “كان علامة حافظا مطلعا حجة درّاكة، له المشاركة التامة في جل الفنون مع تحقيق وتدقيق”.
وفاته:
توفي رحمه الله بمدينة فاس عشية يوم السبت 20 جمادى الآخر عام 1321 ودفن من الغد بعرصتهم المجاورة للزاوية الناصرية.