النظام الجبائي المالي في الإسلام
بنى الفكر الاقتصادي الإسلامي مورد الزكاة على أسس ومفاهيم ونظريات منبثقة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، مما يجعلها تختلف على الضريبة التي تنبني على أسس ومفاهيم وأفكار وضعية تكون أحيانا ظالمة ومجحفة.
ويمكن تأصيل درجة الاختلاف بين الزكاة والضريبة من عدة وجوه( 1).
– أن الفرضية المالية للضريبة المالية في الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي هي نقدية وليست عينية، وأما الزكاة في الاقتصاد الإسلامي فرضيتها المالية نقدية وعينية، وهي بذلك تؤصل مبدأ التوسعة على الناس في التعامل والسداد، ومن النصوص الشرعية التي تقرر المفهوم النقدي للزكاة قوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها التوبة: 104، والمفهوم العيني قوله عز وجل: وآتوا حقه يوم حصاده الأنعام: الآية 142.
– الضريبة تقتضي من حيث النفع المقابل وجود منافع مادية محضة، أما الزكاة فمقابلها هو المعيار الأخروي وهو مقابل عظيم يرجوه دافع الزكاة من الله تعالى وليس من الدولة. وهو النفع الأخروي الأسمى عن النفع المادي.
– أن التساوي بين الأفراد والدفع حسب القدرات التكليفية للملزمين يتنافى تماما مع النظام الوضعي لهياكل الضريبة، أما بالنسبة للزكاة فمعيار القدرة التكليفية في دفعها معيار عادل لأنه ينبني على القدرة التكليفية الحقيقية للأفراد.
– من حيث سمو الدلالة على المعنى، فدلالة الزكاة تتناول معنى النمو والزيادة والبركة والطهارة كما مر معنا في معاجم اللغة. أما دلالة الضريبة فهي على النقيض من دلالة الزكاة، فدلالتها تعني المغرم والنقص والصغار مصداقا لقوله تعالى: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون سورة التوبة: 29.
– الزكاة عبادة مالية فهي التزام شرعي وتكليف أخروي، بينما الضريبة التزام مدني محض وتكليف دنيوي لا غير.
– الزكاة فريضة إلهية فهي لا تخضع لمعايير التلاعب في أحكامها فرضها القرآن وفصلتها السنة النبوية: من حيث مقاديرها وأنصبتها وأوعيتها وأوقاتها ومستحقيها ومصارفها وما إلى ذلك، «ويكفينا القول: بأن الزكاة عبادة مالية، وفريضة إلهية شرعية، وليست ضريبة، وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة لا يكتمل إسلام المسلم إلا بها، وحكمها حكم الفرائض والعبادات الأخرى: كالصلاة والصوم والحج يستحق مؤديها الأجر والثواب، ومانعها الإثم والعقاب»(2 ).
——————
(1 ) لمزيد من التفصيل ينظر كتاب موقع الزكاة من الضريبة في الاقتصاد والإسلام للدكتور غازي عناية.
(2 ) موقع الزكاة من الضريبة في الاقتصاد الإسلامي للدكتور غازي عناية ص62.