زعزعة عقيدة التلاميذ من خلال درس الفلسفة -الثانوية التأهيلية الطيب بنهيمة بالبراشوة نموذجا- ذ. الحسن العسال

هل قدرُ أبنائنا وبناتنا أن يحشروا في هذا البلد المسلم بين كفي كماشة: التنصير في مدارس البعثات الأجنبية، وزعزعة عقائدهم في المؤسسات العمومية؟
هل نبعث فلذات أكبادنا لمدارسنا العمومية ليعمل بعض أساتذة الفلسفة على زعزعة عقيدتهم، والتشكيك في دينهم، والافتراء على مقدساتهم؟
هذا ما حدث ويحدث منذ مطلع هذه السنة في ثانوية الطيب بنهيمة الكائنة ببلدة البراشوة، منذ وفد إليها أستاذان لتدريس مادة الفلسفة حديثََا التكوين، وهمهما الوحيد هو النيل من كل ما يمت إلى ثوابتنا ومقدساتنا بصلة، على الرغم من أن الدروس الملقاة لا تسمح بهذا الافتراء.
حيث إن أحدهما عمل على أن يرسخ في ذهن التلاميذ أن حفظ القرآن ليس من الحداثة في شيء، وأنه يثبط عن العمل، بل الواجب هو الاهتمام بالتكنولوجيا والعلوم، وعلى أن من السلطة التي يمارسها المجتمع على الأفراد هي تخويف الناس بجهنم، وأن تخاذل الحكام العرب -حسب قوله- راجع إلى تشبثهم بالدين، وأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بطمعها في السلطة دفعت معاوية بن أبي سفيان لقتال علي رضي الله عنهما، وينقل عن الشيعة أنهم يقولون بتحريف القرآن، ويعلق على ذلك وبكل خبث: ومن أدرانا أنه ليس كذلك؟ ويستهزئ بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهلا أو متعمدا، ويشكك في يوم البعث.
هذا غيض من فيض التخليط والتخبيط والتناقض والمغالطات والافتراءات، الذي يمارَس في مؤسساتنا العمومية دون حسيب أو رقيب، شحنا لأذهان فلذات أكبادنا بسموم نحن في غنى عنها.
وكل ما سلف ذكره يدخل تحت لافتة حرية الرأي والتعبير، ومع ذلك يا ويل من يعارض هذا المفتري مدافعا عن دينه، لأن مصيره معه سيكون الاستهزاء به وتحذيره وتهديده بالطرد من القسم وقد فعل ذلك مرات عديدة، بل وصل به الأمر إلى استعمال العنف، حيث قام برمي كتاب ودفتر أحد التلاميذ على الأرض، في خرق سافر لأخلاقيات المهنة، وللأسلوب الحضاري الذي يتظاهر بأنه يتمثله.
وفي مناسبة أخرى قام هو وزميل له في المادة نفسها بتخليد اليوم العالمي للمرأة وحظرَا على التلاميذ أن يتطرقوا إلى رأي الدين في هذه المسألة، بدعوى أنهم ليسوا أهلا لذلك، لكن وبكل خبث، عند المهاترات التي سموها محاضرات كان معولهما مرفوعا على الدين وحده تنقيصا منه وتبخيسا له وتشكيكا فيه.
بل إنه لا يترك شاردة ولا واردة إلا علق عليها حتى مع الأساتذة، ويكون تعليقه بالطبع الاستهزاء بالإسلام وأحكامه.
وفي إحدى الحصص ناقشته إحدى التلميذات المحتجبات، فضاقت ذرعا بما يقول؛ وخرجت من القسم حتى لا يتطور الأمر لما لا يحمد عقباه. فالتفت إلى التلاميذ وبكل وقاحة بعيدة عن أي أسلوب تربوي قائلا: “هؤلاء ليس مكانهم هنا، بل المناسب لهم هو أن يتفجروا”.
فلما أصر هذا الأستاذ على سلوكه اللاتربوي حيث ظل يمارس زعزعة عقائد التلاميذ وتشكيكهم في دينهم على مدار السنة، اشتكت إحدى التلميذات المتفوقات إلى أستاذ التربية الإسلامية من الحيرة التي وقع فيها التلاميذ قائلة: “ماذا سنتبع الآن! إذا كنا عندك نسمع كلاما، وإذا دخلنا عند أستاذ الفلسفة نسمع نقيضه!”.
ومن النظريات الجديدة التي أتى بها هذا المفتري؛ ولا يَكلّ ولا يمل من تكرارها وترديدها؛ هي أن المغرب أصبح بلدا علمانيا وأن أمير المؤمنين كذلك علماني، قصد إضفاء الشرعية على الحقد الذي يكنه للإسلام، جاهلا أن العلمانية لا تعترف بشيء اسمه البيعة التي هي أس إمارة المؤمنين، وهذا ما منع الشيوعيين بالأمس من التصريح علنا أنهم علمانيون، على حد قول الملك الحسن الثاني رحمه الله: “وينبغي أن لا يغيب عن بالنا أنه لم يسبق بتاتا لأولئك الذين كانوا ينتمون إلى الحزب الشيوعي أن فاهوا بكلمة تعطي الانطباع بأنهم علمانيون أو من مؤيدي العلمانية.. إذا كانت العصرنة تتنافى مع ديننا أو من شأنها أن تقوض هويتنا ومجتمعنا، فسأكون مضطرا في البداية إلى التنبيه ثم إلى الإنذار، وأخيرا إلى المنع عند الاقتضاء”.”ذاكرة ملك” (ص:56).
فندعو المسؤولين في وزارة التربية الوطنية وفي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومن يهمهم الأمر إلى أن يتحركوا حفاظا على الأمن الروحي لفلذات أكبادنا.
وإلا فما معنى أن ينص تصدير دستور البلاد على أن “المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة..” ؟
وأن ينص الفصل السادس على أن “الإسلام دين الدولة” ؟
وأن ينص الفصل التاسع عشر على كون “الملك أمير المؤمنين.. وهو حامي حمى الدين…”؟
وأن ينص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المرتكز الأول من مرتكزاته على العقيدة الإسلامية؟
وأن يصرح ملك البلاد محمد السادس حفظه الله في افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الثالثة المتعلقة بالتعليم بما نصه: “وقد اطلعنا على نتائجها ووجدناها تعبر عما نبتغي من تعليم مندمج مع محيطه منفتح على العصر دون تنكر لمقدساتنا الدينية”.
فما معنى أن يصرح الجميع بواجب حماية عقيدة المغاربة ودينهم ثم يأتي من يفترض فيهم حماية هذه العقيدة بصفتهم رجال تعليم وتربية فيعمدون إلى زعزعتها أو هدمها بالكلية.
وقد أعجبني الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله حين قال مخاطبا لصحفي فرنسي في حوار أجراه معه: “… لذلك لا تطلبوا منا أن نفقد هويتنا ونتخلى عن مقومات شخصيتنا إرضاء لذوقكم”. (ذاكرة ملك؛ ص:57).
إن هذا الغِّر وأمثاله يجبرون -معنويا- أبناءنا على أن يفقدوا هويتهم ومقومات شخصياتهم إرضاء للغرب الذي يقدسون.
وبعد هذا كله :هل الهدف من درس الفلسفة هو التمرس بآليات التفكير الفلسفي والاطلاع على فكر الآخر، واكتساب ملكة الحجاج والتحاور وكفاية التواصل؟
أم أن الهدف هو التماهي مع كل الأفكار ولو صادمت عقيدتنا، فيصبح درس الفلسفة معول هدم لهويتنا الإسلامية؟
فالله الله في فلذات أكبادنا!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *