الخلاصة: أننا نخرج من هذه الدراسة بأمورٍ أربعة:
• أولاً: ثبوت مصطلح المراهقة في اللغة والاصطلاح:
• ثانياً: ثبوت مرحلة المراهقة كمرحلة عمرية:
• ثالثاً: ثبوت التغيرات الجنسية والنفسية والعقلية في هذه المرحلة:
• رابعاً: ضرورة الاهتمام بهذه المرحلة ورعايتها من قبل أولياء الأمور والمربين:
• شبهات والجواب عليها:
تذرع الذين ينكرون مصطلح المراهقة، وكونها مرحلة من مراحل النمو والنضج في علم النفس بعدة شبهات ظنوا أنها تسعفهم فيما ذهبوا إليه، وهي توهمات لا حقيقة لها، وهاك هذه الشبهه مع الرد عليها:
الشبهة الأولى: قال بعضهم: نستعمل مصطلح البلوغ بدلاً عن لفظ المراهقة:
والجواب: أن مصطلح البلوغ لا يغني عن مصطلح المراهقة لعدة أسباب:
• أولاً: المراهقة تعبر عن المقاربة للبلوغ، والبلوغ يعني وصول هذه المرحلة، وبالتالي يقصر مصطلح البلوغ عن التعبير عن هذه المرحلة التي قبله، وهذا واضح وبديهي!
• ثانياً: البلوغ يمتد معناه من بدايته إلى نهاية الإنسان، بينما المراهقة لا يستمر معناها فيمن تجاوز سن الرشد.
فلا يمكن أن نطلق على رجل بلغ الأربعين والخمسين مراهقاً، ولكن يصح أن نقول عنه بالغ.
• ثالثاً: إن استطاع البلوغ أن يعبر عن النضج الجنسي، فلن يستطيع أن يعبر عن النضج الفكري والنفسي للشاب في تلك المرحلة.
فالشاب قبل سن الرشد إذا أطلقنا عليه بالغ يمكن أن يصدق فيه هذا الوصف، باعتبار النضج الجنسي الجسدي، ولكن ذلك لا يفيد في التعبير عن النضج النفسي والفكري والسلوكي.
الشبهة الثانية: قال بعضهم: المعنى الاصطلاحي عند علماء النفس يتعارض مع المعنى اللغوي، ولا علاقة بين المعنيين!! (1) .
والجواب: أن هذا الكلام غير صحيح لعدة أسباب:
• أولاً: لا مانع أن يكون المعنى الاصطلاحي متضمناً للمعنى اللغوي ويزيد عليه: وهذا ما حدث في مصطلح المراهقة. ويحدث ذلك في كثير من المصطلحات في سائر العلوم والتخصصات الشرعية وغير الشرعية.
• ثانياً: كلام الكفوي في التعريفات يتوافق مع كلام علماء النفس المعاصرين: فقد زاد على معنى كلام أهل اللغة ثلاث سنوات.
• ثالثاً: أقر بذلك أصحاب المعجم الوسيط، ومجمع اللغة العربية: وقد نقلنا كلامهم أنفاً.
الشبهة الثالثة: قال بعضهم: نترك هذا الاصطلاح، لأن الغربيين بنوا عليه أحكام كثيرة تتعارض مع منهج الإسلام:
والجواب على هذا:
لا يلزم من الاختلاف في بعض الفرعيات والجزئيات رفض المصطلح والمرحلة: فنحنُ نتفق مع الغربيين في ثبوت أصل هذا المصطلح ووجود حقيقة هذه المرحلة، وما يحدث فيها من تغيرات، وأهمية رعاية المراهق في هذه الفترة، ونختلف معهم في التفاصيل التي تتعارض مع ديننا الحنيف، فنختلف معهم في تحليلاتهم لهذه المرحلة، ووصفهم لسبل العلاج، وبقية الأمور التي تأثروا بها في مجتمعاتهم.
وأخيراً أقول: هذه إطلالة تأصيلية لمصطلح المراهقة وتثبيت حقيقة وجود هذه المرحلة، تفيد كمقدمة ومدخل للولوج في هذا الأمر، وكم نحن بحاجة إلى دراسات متخصصة في علم النفس من مختصين بهذا العلم، لهم إلمام بعلوم الشريعة، يتناولون هذا العلم من وجه نظر شرعية، ويصوبون الصحيح ويزيفون الزائف، وسيكون لهذه الدراسات أثراً كبيراً في الإصلاح النفسي والتربوي والأخلاقي والسلوكي، وسيدفع بعجلة برنامج أسلمة العلوم.
ولست هنا بصدد الإفاضة والحديث عن مرحلة المراهقة وما يصحبها من تحديات ومتاعب وصعوبات، ووصف العلاج، لأن هذا له مقام آخر غير هذا، ويحتاج إلى دراسة مستقلة، وتفصيل وتقعيد خاص، فضلاً عن أن هذا محله كتب علم النفس وخصوصاً كتب علم نفس النمو، وهنالك كتب مفردة ألفت في موضوع المراهقة، فمن أراد الإفاضة والتفصيل فليرجع إليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ينظر: كتاب (دعه فإنه مراهق) لعبد الله الطارقي (ص: 120) .