قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}5-6.
هذه الآية تفهم على غير وجهها، إذا لم نعرف من المعلم؟ وما تفسير(الْقُوَى) و(ذُو مِرَّةٍ).
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: علم محمدا صلى الله عليه وسلم هذا القرآن جبريل عليه السلام، وعني بقوله (شديد القوى) شديد الأسباب. والقوى: جمع قوة. كما الجثى: جمع جثوة، والحبى: جمع حبوة. ومن العرب من يقول: القوى: بكسر القاف، كما تجمع الرشوة رشا بكسر الراء، والحبوة حبا.
قال الماوردي: {عَلَّمَهُ شَدِيدٌ الْقُوَى} يعني: جبريل في قول الجميع. {ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} فيه خمسة أوجه: أحدها: ذو منظر حسن، قاله ابن عباس. الثاني: ذو غناء، قاله الحسن. الثالث: ذو قوة، قاله مجاهد وقتادة، الرابع: ذو صحة في الجسم وسلامة من الآفات، الخامس: ذو عقل.
قال الطبري بعد أن ذكر الخلاف الوارد في تفسير هذه الآية: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بالمرة: صحة الجسم وسلامته من الآفات والعاهات. والجسم إذا كان كذلك من الإنسان، كان قويا، وإنما قلنا إن ذلك كذلك، لأن المرة واحدة المرر، وإنما أريد به: ذو مرة سوية. وإذا كانت المرة صحيحة، كان الإنسان صحيحا.
قال بن كثير: ولا منافاة بين القولين، فإنه، عليه السلام، ذو منظر حسن، وقوة شديدة.
قال بن عطية: وأما المعلم فقال قتادة والربيع وابن عباس: هو جبريل عليه السلام، أي علم محمدا القرآن. وقال الحسن المعلم الشديد القوى هو الله تعالى. والْقُوى جمع قوة، وهذا في جبريل مكتمن، ويؤيده قوله تعالى: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} التكوير: 20.
سورة الحديد
قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}11.
كلمة «يُقْرِضُ» تفهم على غير وجهها.
قال الزمخشري: شبه ذلك بالقرض على سبيل المجاز، لأنه إذا أعطى ماله لوجهه فكأنه أقرضه إياه فَيُضاعِفَهُ لَهُ أي يعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا.
قال القرطبي: وسمي قرضا، لأن القرض أخرج لاسترداد البدل. أي من ذا الذي ينفق في سبيل الله حتى يبدله الله بالأضعاف الكثيرة. قال الكلبي: (قرضا) أي صدقة (حسنا) أي محتسبا من قلبه بلا من ولا أذى.
قال السعدي: وهي النفقة (الطيبة) التي تكون خالصة لوجه الله، موافقة لمرضاة الله، من مال حلال طيب، طيبة بها نفسه، وهذا من كرم الله تعالى (حيث) سماه قرضا، والمال ماله، والعبد عبده.
قال الشنقيطي: والمعنى: أن مثل المنفق في سبيل الله كمثل من يقرض الله ومثل الله تعالى في جزائه كمثل المستسلف مع من أحسن قرضه وأحسن في دفعه إليه.
قوله تعالى: {كمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ}20.
كلمة «الْكُفَّار» تفهم على غير وجهها.
قال بن قتيبة: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) اي الزراع. يقال للزارع:
كافر، لأنه إذا ألقى البذر في الأرض: كفره، أي غطّاه.
قال القرطبي: الكفار هنا: الزراع لأنهم يغطون البذر.
قال الثعالبي: الْكُفَّارَ أي: الزراع فهومن كَفَرَ الحَبَّ، أي: ستره، وقيل:
يحتمل أَنْ يعني الكفار باللَّه، لأَنَّهم أَشَدُّ إعجابا بزينة الدنيا.