مازالت بعض الأقلام المغرضة والحاقدة تسيل عبر صفحات الجرائد والمجلات سما زعافا، ومَيْنا وافتراء مستهدفة جوهر دين الإسلام الحنيف الذي ارتضاه الله لعباده “ورضيت لكم الإسلام دينا”، بأنه دين يدعو إلى الإرهاب والعنف والقتل والذبح والعدوان على الآخرين، ولا يعطي أهمية للقضايا الإنسانية والأخلاقية في العلاقة مع الآخرين.
وهذا محض افتراء ويدخل في سياق تشويه صورة الإسلام لإضعاف علاقة المسلمين بدينهم وأيضا تشويه صورة الإسلام لدى المجتمعات غير الإسلامية حتى تندفع نحو المواقف السلبية اتجاه الإسلام والمسلمين؛ لذا يجب على العلماء والغيورين أن يهتموا بهذا الموضوع المسمى بالإرهاب ومحاولة إلصاقه بالسلفية زورا، والتصدي له واجب في زمن تُكال في التهم بالقناطير.
ولا ننس مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد وطننا المغرب عبر مشروع إدخال الإرهاب الشيعي الرافضي الذي يتلصص في ليل الجهل، والذي ما وطئت قدمه أرضا إلا أهلك حرثها ونسلها وأحرق يابسها وأخضرها، وروافض المغرب يسلكون أساليب متعددة من أجل تبرير وجودهم والاعتراف بكائنهم المتوحش الذي هو منبع الإرهاب بامتياز، والتصدي لهذه المؤامرة من أولى الواجبات عموما على كل مغربي غيور على دينه ووطنه وقيادته، وعلى علماء المغرب خاصة، لأن ولاء الشيعة للفقيه وليس لولي أمرنا.
وإن المتتبع لكتابات بعض من يحسب على الكتابة والصحافة وغالبهم يهرف بما لا يعرف، يعزف على وتر قديم، وفرية متجاوزة تتلخص في اتهامهم أحيانا بالإشارة وكثيرا بصريح العبارة، أن الدعوة السلفية هي الوحيدة التي تقف خلف إرهاب الماضي والحاضر والمستقبل، وهي العقيدة الوحيدة التي تُلام وتُتهم على أخطاء أفرادها، والغريب أن من يلقي بالتهمة غالبا ما يكون من المسلمين، بل ممن لقنها إن لم يكن ممن رضعها مذ كان صبيا، وانتقلت من المعرفة النخبوية إلى الشعبية!!
إن بعض المتشبعين بما لم يعطوا يدَّعي والله أعلم بطويتهم، أن العنف والتطرف والإرهاب يستمد جذوره العقدية والفكرية من الدعوة السلفية المباركة، متهمين عقليتنا وفكرنا ودستورنا ومناهجنا بأنها التي صنعت هذا التطرف والإرهاب وهو طرح مغرض فاضح، واضح الأهداف، والمقاصد والمرامي، علما أن السلفية منهج وليست حزبا كما يحاول بعضهم عزل هذا المصطلح وتقزيمه، وأستغرب كيف يجرؤ عاقل أو مثقف على طرح مثل هذا الافتراء، وهذا التجني الوقح والطرح القبيح؟؟؟
فأقول جوابا على تشغيباتهم: كلامكم صحيح أن الإرهابيين ومن حذا حذوهم، قد صدروا من القاعدة الفكرية المشتركة، أقول مرة أخرى: نعم إن القاعدة العقدية المشتركة لكل هذه الدعوات والجماعات هي قاعدة الإسلام الحنيف بأصوله الشرعية المتفق عليها، ولكن الخلط بين هذه القاعدة الأساسية النقية وبين ما وصلت إليه الجماعات المسلحة من تكفير وعنف وإرهاب يشكل قفزة منطقية واسعة لا تستند إلى حجج أو مسوغات أو تُبنى على تدرُّج معقول.
ولكن ألا يعلم هؤلاء، إن كان لهم علم واطلاع، أن هذه القاعدة الفكرية لا يمكن أن تكون أبدا في يوم من الأيام مسئولة عما آل إليه الفكر الإرهابي من الأخذ بالشاذ من الأقوال والآراء ومن توجيه غضبهم وإحباطهم الاجتماعي والسياسي صوب العنف المنبوذ شرعا وعقلا وذوقا، بل على العكس تماما وهذا معلوم حتى لدى أصغر الكتاب، ممن يزعم أنه متخصص في الجماعات، أن الدعوة السلفية تصدت لهذه الأفكار الدخيلة في وقت مبكر لأنها تعلم يقينا أن الفكر الإرهابي هو أشبه بالسرطان الأنثوي الذي لا تحاسب عليه خلايا الجسم السليمة حتى لو انطلق منها، وعلينا أن نحصن جسد الأمة ونزوده بالقدرة على التصدي للخلايا السرطانية والقضاء عليها لا بالتشغيب على المنهج السلفي بالخلط و”التخربيق والتزربيق”.
وفي الختام أرى أنه من الواجب على العلماء والمفكرين: تحديد مصدر وخزان هذه الأفكار من دون مجاملة ولا مداهنة، وحصار هذا البلاء وخنقه ومواجهته بكل شجاعة ودحره علميا حتى لا يسمع له رنين بين الأنام، ومن ثم فإنه من باب النصح والإخلاص لمملكتنا المغربية، يجب على كل مثقف حرّ وصاحب قلم شريف ونزيه، أن يعري أصحاب هذا الفكر الموبوء المعزول.
وإني لأتساءل: إلى متى ولمصلحة من تركهم يطعنون في صميم كياننا؟ لمصلحة من نتركهم يفرغون سمومهم وأحقادهم، وينشرون خزيهم وجرمهم في حق ديننا؟ وبالذات في هذه الظروف الصعبة والعسيرة، والتي تحتاج منا جميعاً إلى التآزر والتآخي والوقوف جميعاً في وجه كل من يريد أن يربك أوضاعنا، ويشكك في وحدتنا الترابية، ويمزق لحمتنا الوطنية..