لا يخفى أن رمضان من أهم الشعائر الإسلامية، والفرائض الدينية، إذ هو موسم الطاعات، وموطن الازدياد من القربات، وفيه ترفع الدرجات، وتعلو الحسنات، لما فيه من الخيرات والنفحات. فهو موسم صلاة التراويح التي تهفو إليه القلوب، وتشد إليها الرحال في مساجد الله تعالى، وبيوته المعظمة القدر.
ولما حلت بنا جائحة كرونا، عمدت السلطات إلى غلق كل المحلات، ومنها المساجد، وكان ذلك متفهما عند بداية الجائحة، وللإغلاق الشامل، الذي لم يستثن إلا ما كان ضروريا لمعاش الناس، بيد أن ما وقع بعدها بدأ الانفراج يظهر رويدا رويدا، غير أنه بقيت مساجد الله تعالى مغلقة، حتى ارتفعت الأصوات، وكثرت التنديدات، فتم فتحها. فالذي لا يستساغ كما سبق أن وقع، أن أغلقت المساجد مرة أخرى في رمضان، وبخاصة بين العشاءين، بحجة أن كرونا قد عادت للانتشار بقوة.
واليوم تبدو مبشرات خير صرح بها مدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط الأستاذ عز الدين الإبراهيمي، وهو دعوته إلى الرفع التدريجي لبقية القيود المفروضة جراء الجائحة، وفي مقدمة ذلك إعادة فتح المساجد للتراويح. فهذه مبشرات خير، إذ لا يعقل أن تفتح جميع المجالات وترفع القيود الاحترازية عن جميع التجمعات، وتبقى المساجد الوحيدة المستثناة من الرفع التام لكل القيود، من غير أن يرجع الناس إلى صلاة التراويح بشكل طبيعي، كما كان معتادا في سالف السنين، وعبر العصور، ولا سيما أن الناس يلاحظون أنه إبان المبارة الرياضية التي جمعت المغرب بمصر، كانت المقاهي غاصة عن آخرها بالناس، وفي ازدحام شديد، لم يعهد مثله من قبل.
فلا جرم أن تفتح المساجد، ويُمكَّن المصلون من تأدية شعائرهم الدينية بكل حرية ومسؤولية، وإلا فما الداعي لهذا الإغلاق، لا قدر الله، مع انخفاض الحالات، حتى لا نسيء الظن بأي أحد، فإننا نطالب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بفتح المساجد، وأماكن الوضوء في رمضان، وتسهيل تأدية صلاة التراويح، وهذا ليس تفضلا ولا تمننا وتكرما، بل واجب شرعي، يسأل عنه المسؤولون يوم القيامة لا ريب في ذلك. لأنه لا يعقل أن تفتح المحلات والمجال العمومي، وتبقى المساجد رهن الاعتقال الكوفيدي، فكأن كرونا عدوة الدين والمسجد.
ولهذا أمام هذا الانفراج، ونسأل الله تعالى أن يرفع عنا هذا الوباء وبلاء الجفاف والغلاء، نؤكد على ضرورة فتح المساجد لصلاة التراويح، فلم يبق هناك أي عذر يمكن أن يتذرع به، كما نؤكد على استمرار قراءة القرىن الكريم، وإلقاء الدروس والمواعظ، وهذا كله يدخل في حفظ الأمن الروحي كما تسميه الجهات الرسمية.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.