المساجد ودورها في تأطير السياحة الصيفية (أ.س)

يمتلك المسجد كل المقومات ليتبوأ مكانة تأطيرية ومركزية في المجتمع، فلا شك أن المساجد تعتبر امتدادا طبيعيا للبيت الأسري، فالمسجد يضطلع بمهمات متنوعة، وأدوارا جليلة جعلت منه أهم معلمة توجيهية ضمن شبكة معالم المجتمع الإسلامي، كما يتميز بتعدد أدواره وتنوعها، جعلت من وظيفته تصطبغ بالشمولية والتكامل، فمن تربية الإنسان وتبصير الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها، بالتربية على الإيمان والأخلاق، مرورا بالتربية العقلية والنفسية والروحية والعلمية والعملية دون أن نغفل التربية الاجتماعية، إلى المهمة الإعلامية والاقتصادية والسياسية، إنها شمولية المسجد.

فدور المسجد في الإسلام لا يقتصر على إقامة الصلاة والعبادة فقط، بل تعدى هذه الوظيفة الروحية، التي تعتبر وظيفته الأساسية، إلى وظائف أخرى لها أهمية كبير بالنسبة للفرد والمجتمع، أسهمت في بناء هذه الأمة وتماسكها ووحدتها لقرون، ونشر الدين، والثبات على الحق.

ومع بداية كل صيف ينطلق موسم السياحة والسفر والاستجمام؛ ويتجهز كثير من الناس للذهاب للشواطئ والمنتجعات الصيفية، والسفر حتى للخارج طلبا للترفيه وإراحة النفس من متاعب العمل وما يسببه من تعب وإرهاق.

فكلمة السياحة مأخوذة من (ساح الماء سياحة) إذا جرى على وجه الأرض وذهب، واستعملت كذلك بمعنى: الذهاب في الأرض للعبادة أو الترهب، أو لغير غرض، لكن في هذا الزمان صار مصطلح السياحة يعني: التنقل من بلد إِلَى بلد طلبًا للتنزه، أو الاستطلاع والاستكشاف.

فالأصل في مطلق السفر الإباحة إلا إن عرض عارض أخرجه عن الإباحة، فالسفر والسياحة يأخذ حكم الغاية منه:

فقد يكون السفر واجبًا، إذا كان لفعل واجب؛ كحج الفريضة، وقد يكون مندوبًا؛ كالسفر لحج النافلة، وقد يكون مكروهًا، إذا صاحبه ارتكاب أفعال مكروهة، وقد يكون حرامًا؛ كالسفر لمعصية، وقد يكون مباحًا؛ كالسفر للتجارة من أجل تكثير المال، والمشهور عند العلماء أن السفر للتنزه والفرجة من قبيل السفر المباح.

وهنا يمكن أن تبز وظيفة المساجد التأطيرية، في قيادة المجتمع بقيام الأئمة والخطباء ببيان أحكام السفر والسياحة، وتحذير الناس من الوقوع في المحظور الذي يجعل السياحة المباحة معصية بدلا أن تكون عادة أو استجماما، وحتى يستفيد الناس من سياحتهم وتحقيق الطاعة لله تعالى.

وأن يقوموا بدعوة الناس للالتزام بالأخلاق والحياء مع استحضار الخوف من الله، وأن يدحضوا قول من يقول أنه لا توجد سياحة دون وجود الفواحش والعُري والعربدة، وينصحوا أصحاب المحلات التجارية ومطاعم بعدم ابتزاز أموال السياح والنصب عليهم، ودعوتهم للالتزام بشريعة الإسلام في كل مناحي الحياة ففيها خير الدنيا وخير الآخرة وخيرهما معا.

مع بيان المفهوم الصحيح للسياحة في الإسلام، وأن التمتع بجمال هذا الكون العظيم؛ يجب أن يكون باعثا للنفس البشرية على قوة الإيمان وعبادة الله، وعونا لها أيضا على أداء واجبات الحياة، فإن ترويح النفس ضروري لأخذها بالجد بعد ذلك، وبذلك ستحول المساجد دون الانفلات أو التعدي، الذي سيجعل من السياحة مصدر شر وضرر على المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *