التعريف
الوجودية اتجاه فلسفي يغلو في قيمة الإنسان ويبالغ في التأكيد على تفرده وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجّه. وهي فلسفة عن الذات أكثر منها فلسفة عن الموضوع، وتعتبر جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة التي تتعلق بالحياة والموت والمعاناة والألم، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم. ونظراً لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين العقائد والأفكار.
التأسيس وأبرز الشخصيات
يرى رجال الفكر الغربي أن “سورين كيركجورد” 1813م-1855م هو مؤسس المدرسة الوجودية. ومن مؤلفاته: رهبة واضطراب.
أشهر زعمائها المعاصرين: “جان بول سارتر” الفيلسوف الفرنسي المولود سنة 1905م وهو ملحد ويناصر الصهيونية، له عدة كتب وروايات تمثل مذهبه منها: الوجودية مذهب إنساني، الوجود والعدم، الغثيان، الذباب، الباب المغلق.
ومن رجالها كذلك: القس كبرييل مارسيل وهو يعتقد أنه لا تناقض بين الوجودية والنصرانية.
“كارل جاسبرز”: فيلسوف ألماني.
“بسكال بليز”: مفكر وفيلسوف فرنسي.
وفي روسيا: “بيرد يائيف” و”شيسوف” و”سولوفييف”.
الأفكار والمعتقدات
يكفرون بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الأديان ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل. وقد اتخذوا الإلحاد مبدأ ووصلوا إلى ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة.
يعاني الوجوديون من إحساس أليم بالضيق والقلق واليأس والشعور بالسقوط والإحباط لأن الوجودية لا تمنح شيئاً ثابتاً يساعد على التماسك والإيمان وتعتبر الإنسان قد أُلقي به في هذا العالم وسط مخاطر تؤدي به إلى الفناء.
يؤمنون إيماناً مطلقاً بالوجود الإنساني واتخذوه منطلقاً لكل فكرة.
يعتقدون بأن الإنسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً وأن وجود الإنسان سابق لماهيته.
يعتقدون أن الأديان والنظريات الفلسفية التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مشكلة الإنسان.
يقولون: إنهم يعملون لإعادة الاعتبار الكلي للإنسان ومراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره.
يقولون: بحرية الإنسان المطلقة، وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه يريد دون أن يقيده شيء.
يقولون: إن على الإنسان أن يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت أم اجتماعية أم فلسفية أم منطقية.
يقول المؤمنون منهم إن الدين محله الضمير أمَّا الحياة بما فيها فمقيدة لإرادة الشخص المطلقة.
لا يؤمنون بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه إنما كل إنسان يفعل ما يريد وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً معينة على الآخرين.
أدى فكرهم إلى شيوع الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية والتحلل والفساد.
رغم كل ما أعطوه للإنسان فإن فكرهم يتسم بالانطوائية الاجتماعية والانهزامية في مواجهة المشكلات المتنوعة.
الوجودي الحق عندهم هو الذي لا يقبل توجيهاً من الخارج إنما يسيِّر نفسه بنفسه ويلبي نداء شهواته وغرائزه دون قيود ولا حدود.
الوجودية في مفهومها تمرد على الواقع التاريخي وحرب على التراث الضخم الذي خلفته الإنسانية.
تمثل الوجودية اليوم واجهة من واجهات الصهيونية الكثيرة التي تعمل من خلالها وذلك بما تبثُّه من هدم للقيم والعقائد والأديان.
الجذور الفكرية والعقائدية
إن الوجودية جاءت كردِّ فعل على تسلط الكنيسة وتحكمها في الإنسان بشكل متعسف باسم الدين.
تأثرت بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت النهضة الأوروبية ورفضت الدين والكنيسة.
تأثرت بسقراط الذي وضع قاعدة “اعرف نفسك بنفسك”.
تأثروا بالرواقيين الذين فرضوا سيادة النفس.
كما تأثروا بمختلف الحركات الداعية إلى الإلحاد والإباحية.
الانتشار ومواقع النفوذ
ظهرت في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى ثم انتشرت في فرنسا وإيطاليا وغيرهما. وقد اتخذت من بشاعة الحروب وخطورتها على الإنسان مبرراً للانتشار السريع. وترى حرية الإنسان في عمل أي شيء متحللاً من كل الضوابط. وهذا المذهب يعد اتجاهاً إلحاديًّا يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية.
انتشرت أفكارهم المنحرفة المتحللة بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها، حيث أدت إلى الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان.
ويتضح مما سبق
أن الوجودية اتجاه إلحادي يمسخ الوجود الإنساني ويلغي الدين وقيمه الأخلاقية. وتختلف نظرة الإسلام تماماً عن نظرية الوجودية حيث يقرر الإسلام أن هناك وجوداً زمنياً بمعنى عالم الشهادة ووجوداً أبديًّا بمعنى عالم الغيب. والموت في نظر الإسلام هو النهاية الطبيعية للوجود الزمني ثم يكون البعث والحساب والجزاء والعقاب.
أما الفلسفة الوجودية فلا تسلم بوجود الروح ولا القوى الغيبية وتقوم على أساس القول بالعدمية والتعطيل، فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية، والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق، ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار.