تصحيح فرائض الصلاة وسننها القولية الشيخ محمد الإبراهيمي

بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد: فقد روى الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خسر وخاب”.
وروى مسلم في صحيحه عن تميم الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة (ثلاثا) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم”.
وعملا بهذين الحديثين وبما ورد في الأثر: “أنه لا خير في قوم لا يتناصحون، ولا خير في قوم يقبلون النصيحة”.
رأيت أن أذكِّر مَن هو في حاجة إلى التذكر بالنطق الصواب فيما قد تزل فيه الألسنة في كلمات الفاتحة والتكبير والتسليم.
ذلك أن الصلاة لا تصح دون تجويد كلمات سورة الفاتحة وتكبيرة الإحرام والتسليم.
وربما قيل مَن هذا الذي يحتاج إلى تصحيح شيء من هذه الألفاظ؟
لكنني أقول: أن الواقع ليشهد أن من الناس من يعيش 70 سنة ولا يبالي بما يقرأ، بل يظن أن قراءته صواب. فإذا قرأ صدرت منه أخطاء جلية واضحة! ومن سلم من ارتكاب الخطأ في لفظ كذا لم يسلم من ارتكاب الخطأ في غيره، هذا حال الناس عامة!
وربما اعتقد بعض الناس أن معرفتهم كتابة ما يقرؤون تغنيهم عن إجادة التلفظ الصحيح. الصواب: كلا!
وقبل الشروع في الموضوع أعرف مصطلح التجويد ليتضح لنا ما نريد تقريره.
فالتجويد ليس هو النغم المطرب كما يعتقد، فقد يقرأ ذو النغم المطرب قراءة تستلذها الأذن وليست من التجويد في شيء، نعم إذا اجتمع النغم المطرب والتجويد الحق فنعما!
التجويد الحق هو النطق بالكلمة العربية نطقا سالما من العيوب، وهو ضد القبح. أو إخراج الحروف من مخارجها، وإعطاء كل حرف صفاته الذاتية وما ينشأ عنها، كالقلقلة في أحرفها، والتفخيم في أحرف الاستعلاء، وكإضغام الحرف الضعيف في مجانسه القوي.. ومراعاة ما تقتضيه الرواية فيما تماثل أو تجانس من الحروف.
قال ابن الجزري -رحمه الله- في كتابه “النشر” (ص:210-211-213): “ليس التجويد بتمضيغ اللسان، ولا بتقعير الفم، ولا بتقطيع المد، ولا بتطنين الغنة، بل القراءة السهلة العذبة التي لا لوك فيها ولا تعسف، ولا تخرج عن طباع العرب وكلام الفصحاء بوجه من وجوه القراءة”.
وقال: “ولا شك أن الأمة كما هم متعبون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده؛ متعبدون بتصحيح ألفاظه على الصفة المتلقاة عن أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية”.
وقال في المقدمة:
والأخذ بالتجويد حتم لازم *** من لم يجود القرآن آثــم
لأنـه بــــه الإلـــــه أنـــزل *** وهـكذا منه إلــينا وصل
قال الإمام مالك -رحمه الله- في المدونة الكبرى 1/84 ما معناه: “إن الذي يلحن في القراءة أشد عندي من الذي لا يقرأ في الصلاة”.
وقال: “إذا قرأ الإمام في الصلاة بقراءة ابن مسعود، فدعه واخرج ولا تأتم به”.
وقراءة ابن مسعود (وما أشبهها) يسميها القراء: (القراءة الشاذة)، وهي قراءة عربية لا لحن فيها، إلا أنها مخالفة في بعضها لخط المصحف، أو لأنها خالفت قراءة العامة نحو: (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنان)، و(يرثني وارث من آل يعقوب)، و(أنومن لك وأتباعك الأرذلون) و(فقبضت قبصة) بالصاد. و(وقرءانا فرَّقناه) بتشدد الراء من (فرقناه)، و(بلغت من الكبر عَتِيا) بفتح العين. و(مُرَيْئَتُه حمالة للحطب).
لقد قرأ بهذه الأمثلة بعض الصحابة وبعض التابعين، وقرأ ببعضها ابن مسعود.
وإذا كانت الصلاة لا تصح بالقراءة الشاذة وهي عربية لا لحن فيها إلا أنها مخالفة للمصحف وللقراءة العامة، فما بالنا بمن يقرأ قراءة مخالفة للعربية ولكتابة المصحف معا!
وللحديث بقية..

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *