متعة الصيف بنكهة الانحراف والعري والابتذال إبراهيم بيدون

بعد كل ربيع معتدل مناخه، جميلة مناظره، خضراء حقوله، يقبل فصل الصيف بشمسه المشرقة، وحرارته الدافئة، فتنضج الثمار في أوله، ويطيب أكل التمر بعد تمام نموه في آخره، وبينهما تحصد المحاصيل الزراعية المتنوعة، وعلى رأسها الحبوب والقطاني، وتكثر الخيرات من الفواكه والخضروات، وتكتمل الشّهاد فيعصر منها العسل المصفى.

وفي فصل الصيف تكون العطلة المدرسية، والإجازات الوظيفية، فيقبل الناس على الترويح على النفوس، وقد يسر الله لنا بفضله وكرمه ومنّه لأجل ذلك نعما كثيرة، لا يعرف حقيقتها إلا الشاكر، ولا يدرك فضلها إلا اللبيب الذاكر، أما المحروم -من إدراك قيمة الحياة- العاثر، فيقلب شكر النعم كفرا، ويصرفها فيما لا يرضي الله عز وجل.
وإننا وللأسف الشديد؛ وفي غمرة الفرح بالنموذج الغربي في القيم والسلوك، ومن خلال توجيهه لمسارات حياتنا العامة والخاصة، أبدلنا شكر الامتثال، بثقافة التحرر والابتذال، فصار الترويح بغير ضابط شرعي، ولا قيد مرعي، بل جعلنا أساسه تحصيل المتعة واللذة ولو بمعصية الله، ومخالفة أمره، والبعد عن هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، والنأي بعيدا عن سنن تقدم الحياة، وأسباب قوة الدول، وغرقنا في وحل التبعية للغرب المادي المنحرف قيما وسلوكا ومنهج حياة، فانتشرت لأجل المتعة المسمومة:
– شواطئ العري والسفور والاختلاط والممارسات المنحرفة..
– فضاءات الترويح الصاخبة..
– علب الرقص والمجون وشرب المسكرات وتعاطي المخدرات..
– فنادق خمسة نجوم والغرف المظلمة.
– انتشار المهرجانات الموسيقية التي تستجلب لها المغنيات العري والرقص الجنسي الماجن..
– ارتفاع حجم السياحة الجنسية والدعارة المخملية..
– ازدياد أعداد الكازينوهات ودور القمار من خلال انتشارها في الأحياء الشعبية ببعض المقاهي..
– زيادة انتعاش المنتجعات السياحية الخالية من الضوابط الشرعية والمتمردة حتى على القوانين الوضعية..

ارتفاع حجم العري في شوارعنا وأزقتنا
ومن الملفت للنظر سنة بعد أخرى؛ ازدياد حجم وشكل العري والتبرج والسفور، والذي يرتبط بشكل كبير بتحرر وسائل الإعلام من قيود الحياء والعفة، ومعلوم ما لهذه الوسائل من تأثير كبير في توجيه أذواق النساء والفتيات في اللباس والعادات.
فتوجيه اللباس بواسطة التلفاز يحصل من خلال التشبع بأذواق الغربيات في الأفلام والمسلسلات التركية والمكسيكية أو الممثلات والمغنيات العربيات، وهو ما يظهر في لباس فتيات استوديو دوزيم، وكل هؤلاء النسوة لا يتقيدن في لباسهن بخلق أو دين، بل ما يحكم أذواقهن هو جديد تصميمات الموضة الغربية، التي تزيد يوما بعد يوم من كشف جسد المرأة.
وفي الصحافة المقروءة صرنا نرى صورة المرأة العارية تماما كما هو الحال في جريدة الأحداث العلمانية؛ والصباح البافلوفية؛ وأسبوعية الحياة ويومية الخبر (التي تتعمد نشر الصور العارية كحافز لرفع حجم المبيعات، رغم أنها سِقط إعلامي جديد)، وأما المجلات النسوية فمتصفحها لأول مرة يظن أنها مجلات غربية يستحيل أن تنشر في بلد كالمغرب؛ له نصوص قانونية تمنع نشر ما يخل بالحياء والآداب العامة!
ونتساءل هنا: لماذا لا يتم تطبيق القانون والإجراءات الزجرية لردع شيوع ثقافة العري الفاضح الذي عم وانتشر في الشوارع والطرقات، والشواطئ والمصايف… أم أنها ضريبة انضمامِنا الشكلي لحضارة الغرب العلماني؟
لقد تجرأت النساء والفتيات في السنوات الأخيرة على جعل اللباس عنصرا من عناصر تزيين وإظهار المفاتن، دون حياء أو حرج؛ فالتنورة قد ارتفعت عندهن إلى نصف الفخذ وفوقه بقليل، وسروال الجينز اللاصق أضحى لكل ذرة عفة ماحق، وأما اللباس العلوي فصار لا يغطي البطن، ولا يستر الظهر، ويكشف الصدر، ويظهر الثديين، ولا حديث في اللباس العاري الجديد عن الذراعين..، فهو لباس يزيد التبرج فتنة، فيكشف عن المتواري من العورة، ويحجم المفاتن كأنه غطاء لاصق، تظهر فيه المرأة كأنها تجملت وتزينت لزوجها بغية متعته، أو غانية تعرت لطالب شهوة، وأحيانا تلبس بعض النساء والفتيات لباسا مبتذلا وتنسى أنها خرجت للشارع، وهو بدوره يكشف المفاتن ويحرك الغرائز..
وفوق هذا اللالباس (كاسيات عاريات)، تزيد المتبرجة مساحيق الغفلة على وجهها، وتمشي مشية اللواتي يحببن أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، تترنح ذات اليمين وذات الشمال، وقد يصاحبها في سيرها الماسخ، صديق سوء لا يحفظ كرامة ولا يصون عرضا، أو ربما زوج مغبون أصابته الدياثة، فلم يعد يحس بأن عرضه تنهشه نظرات الذئاب، وتستميله كلمات المنحرفين..
لقد صارت ثقافة العري والسفور حاضرة بشكل قوي في شوراعنا، بسبب ما للعري من قوة على لفت الانتباه وتحريك الغرائز، وهو من الأسباب الخطيرة الذي تترتب عنه انحرافات سلوكية أخرى، فكم مرة كان العري سببا لاغتصاب النساء والفتيات، وقد يؤول الأمر لقتلهن؟
كما أنه العامل الأساس في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي، وقد سجلت حالات اعتداء مسلح وحالات عنف على عدد من النساء والفتيات بسبب امتناعهن عن تلبية دعوة معجب أعمت بصيرته المفاتن العارية وحركت غرائزه الألبسة البهيمية.
بل إنه سبب في حالات عدة لزنا المحارم؛ فالإعلام الماجن يولد لدى المشاهد كبتا جنسيا، يتم تفجيره أو تفريغه في بعض الأحيان في المحارم، ولا يستبعد ذلك بتاتا ممن ماتت غيرتهم على أعراضهم، وقل أو انعدم تدينهم، وذهب عنهم الخوف من الله عز وجل!
إن التبرج والعري والسفور داء ووبال يخرب الأمم، وينشر الرذيلة، ويتسبب في الكثير من الانحرافات، ويكفي أن نعلم أن حضارات كالحضارة الرومانية والهندية والصينية بادت وأفل نجمها بسبب الإباحية والانحراف الأخلاقي.
فحري بالأطراف التي تتحمل المسؤولية في انتشار هذه الانحرافات السلوكية الخطيرة أن تتقي الله في بنات ونساء المسلمين وفي هذا المجتمع الآمن، وحري بالأطراف المسؤولة عن حماية أخلاق المجتمع البدار إلى معالجة هذا الانحراف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *