شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص: 

واسكــــت يسيــرا تحظ بالصـــواب أو صــل لـــــه مبيـــــن الإعــــــراب
قوله: (واسكت يسيرا) معناه: واسكت سكتا زمنه يسير أو خفيف أو وجيز أو قليل من دون تنفس.
وقولنا: (دون تنفس) أي من غير إخراج نفس.
وفي هذا البيت بيان للمشروع لورش من طريق الأزرق بين السورتين.
فكأنه يقول: إذا أخذت بترك البسملة فأنت مخير بين أن تسكت بين السورتين وبين أن تصل آخر السورة بأول الأخرى.
وكأن في قوله هذا إيماء إلى تضعيف الأخذ بالبسملة لورش.
وكيفية هذا السكت : أن يقطع القارئ نفسه زمنا يسيرا من دون تنفس على حد ما قاله الناظم رحمه الله (واسكت يسيرا…).
ونص أبي عمرو الداني رحمه الله أن يسكت بينهما سكتة لطيفة من غير قطع
وعليه فمن أخرج النفس فإنه يعتبر واقفا أو قاطعا.
فيشرع في حقه آنذاك أن يبسمل لأنه يعتبر كالمبتدئ من أول السورة.
وعبارة ابن بري رحمه الله في بيان كيفية السكت أوجه من قول الشاطبي رحمه الله:
وسكتهم المختار دون تنــفس وبعضهم في الأربع الزهر بسملا
فإن الشاطبي رحمه الله تعالى قد اقتصر على بيان كيفية السكت ولم يتعرض إلى مقداره.
وعليه لو قطع القارئ نفسه بين السورتين وأطال المدة فإنه يعتبر ساكتا على قول الشاطبي.
ولهذا زاد بعضم في حد السكت أن يكون زمنا يسيرا في العادة .
وفائدة السكت بين السورتين ليؤذن ذلك بانقضاء السورة فيكون ذلك عوضا عن الفصل بينهن كذا قال الإمام الداني.
ويجري مع السكت بعض أحكام القراءة ينبغي للقارئ أن يعلمها منها:
الروم والإشمام والإبدال وعدم النقل في حال الإسكان.
قوله: (تحظ بالصواب) معناه: تفز بالصواب ولا تكون مخطأ والمقصود بالصواب هنا إصابة الرواية المشهورة.
قوله: (أوصل له) معناه: أوصل أيها القارئ واجمع آخر السورة بأول الأخرى لورش فالضمير في قوله (له) عائد إلى ورش لأنه آخر مذكور.
وقوله: (مبين الإعراب) منصوب على الحال ومعناه: مبينا لحركات الإعراب فعند وصل آخر السورة بأول الأخرى يظهر إعراب كلمات آخر السور من رفع وجر ونصبا وجزم ويتبع ذلك بعض أحكام القراءة من إظهار وإخفاء وإدغام وغير ذلك.
وتقديم الناظم رحمه الله تعالى السكت على الوصل في الذكر يؤذن بأنه المشهور والمقدم رواية وقراءة، وهو كذلك فأن التقديم يؤذن بالتفضيل والتصدير يستحق التشهير.
قال الإمام الداني رحمه الله: وعلى هذا المذهب أكثر شيوخنا والجلة من المتصدرين.

تنبيه مهم:
ـ ينبغي للقارئ برواية ورش من طريق الأزرق أن يعلم أن السكت والوصل رواية وبالتالي ينبغي الحفاظ عليهما وعدم الإخلال بهما، وما يفعله كثير من القراء عند ختم السورة من وقف وبسملة والمواظبة على ذلك، فإنهم مخطؤون في ذلك خارجون عن الرواية.
ـ كذلك ينبغي أن يعلم أن السكت والوصل مشروعان بين كل سورتين مرتبتين في المصحف سواء كانتا متواليتين أو غير متواليتين.
فالمتواليتين مثلا: البقرة وآل عمران أو آل عمران مع النساء أو الفلق مع الناس وهكذا.
وغير المتواليتين: البقرة مع الحج أو الصافات مع الهمزة وهكذا.
وعليه فمن ختم سورة ورجع إلى سورة قبلها في ترتيب المصحف لا يكون مشروعا في حقه السكت والوصل بل ينبغي له أن يبسمل كمن يختم سورة الناس ويبدأ من البقرة.
وكذلك من كرر سورة بعينها لا يشرع له السكت والوصل بل ينبغي له أن يبسمل.
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *