بعد 6 حروب مع الحكومة اليمنية فشل الحوثيون من خلالها في فرض سيطرتهم على البلاد وتنفيذ الأجندة الإيرانية الشيعية، يحاولون الآن استغلال فرصة الاحتجاجات المندلعة منذ أشهر ضد نظام صالح من أجل التمدد والسيطرة على مناطق جديدة والوصول إلى البحر الأحمر؛ للتحكم في حركة الملاحة والاتصال مع الخارج وتلقي الإمدادات اللازمة لمواصلة تمردهم الذي لن يقتصر على اليمن حيث قاموا من قبل بمهاجمة المملكة العربية السعودية وقتلوا وأصابوا عددا من الجنود وتسببوا بهجرة الآلاف من السكان من المناطق الحدودية..
هدأت الأوضاع نسبياً بين الحكومة والحوثيين بعد الاتفاق الذي تم معهم والذي قضى بوقف القتال بين الطرفين، ولكن مع توتر الأوضاع في اليمن وانشقاق الجيش وتمسك صالح بالسلطة ومراوغته في تسليمها؛ بدأت الحسابات تختلط.
ففي البداية أظهر الحوثيون رغبة في الانضمام إلى الاحتجاجات على صالح، ولكن بالتدريج بدأت تظهر نواياهم التوسعية، وشنوا هجمات مسلحة على المعارضة والقبائل القريبة من مناطقهم؛ للسيطرة على مناطق جديدة، وحاصروا أهل السنة في منطقة دماج بمحافظة صعدة، حيث تعاني أكثر من ثلاثة آلاف أسرة يمنية ومقيمين أجانب نقصاً حاداً في الغذاء والدواء منذ أشهر، بينهم أطفال ونساء ومرضى وكبار في السنّ، ويمنع المسلحون الحوثيون وصول أي إمدادات غذائية أو دوائية إلى المنطقة، وكان مدير مركز دار الحديث بدماج الشيخ يحيى الحجوري قد أطلق نداء استغاثة من أجل السعي لإنهاء ما وصفه بـ “العدوان والحصار” المفروض عليهم من قبل الحوثيين، مطالباً كل من يسمعه القيام بواجبه الإنساني تجاه الأطفال والنساء والمرضى الذين باتت حياتهم مهددة بالخطر جراء الحصار..
في نفس الوقت بدأ يلوح في الأفق تقارب بين القوات الموالية لصالح والحوثيين، وهو تحالف له مصالحه وخطورته، في ظل محاولات صالح المستميتة للبقاء على كرسيه، وقد يتضمن ذلك تنازلات لصالح للحوثيين للوقوف بجانبه ضد المعارضة التي تصر على الإطاحة به..
تحركات الحوثيين المسلحة في هذا التوقيت تشير إلى إحياء مخططهم القديم من أجل إقامة حكم شيعي في منطقة خاصة بهم في الشمال، والاستقلال بها وفرض الأمر الواقع بواسطة السلاح خصوصا لو تمكنوا من توسيع نفوذهم والوصول لساحل البحر الأحمر.
وتأتي خطورة التحرك الحوثي كذلك في وقت تسعى طهران فيه لإنقاذ حليفها الأكبر في المنطقة بشار الأسد حيث حرضت حزب الله على التعاون مع نظام الأسد وتهديد مناوئيه داخل وخارج لبنان.
ونظرا لقرب الحوثيين من حدود المملكة العربية السعودية التي تعتبر من المنتقدين لحملة النظام السوري على المدنيين فبالإمكان تنفيذ هجمات على المملكة..
إيران لا تخفي استخدامها لخلاياها النائمة في عدد من الدول لتنفيذ أهدافها وتحقيق مصالحها، وهو ما ظهر أثناء احتجاجات البحرين والتصريحات التي أدلى بها عدد من المسؤولين الإيرانيين بشأن تفجير الأوضاع في عدد من دول الخليج التي ساعدت المنامة في إحباط مخطط إسقاط النظام، وهو ما أشارت إليه مصادر حزب الله التي أكدت أنها لن تترك الأسد يسقط وأنها ستنفذ هجمات ضد الدول المناوئة له من خلال خلاياها النائمة في هذه الدول..
التحرك الحوثي الأخير لا يمكن فصله عن المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة والذي بدأ في العراق وامتد إلى لبنان ويكرر محاولاته في البحرين، كما أن الحوثيين أحد أذرع تخفيف الضغط على نظام طهران الذي يتعرض لهجوم غربي حاد في الفترة الأخيرة بسبب برنامجه النووي وسط مخاوف من ضربة عسكرية قادمة قد تؤثر على قدرات إيران العسكرية التي تخيف بها جيرانها، وبالتالي فإيران تحتاج إلى مزيد من الأوراق والحلفاء لإجهاض هذا الهجوم.