شرح الدرر اللوامع في قراءة الإمام نافع الشيخ محمد برعيش الصفريوي

نص:
القول في الممدود والمقصور والمتوسط على المشـــهور
شرح:
قوله: (القول في المدود والمقصور) أي: هذا القول في بيان.
(الممدود) أي: الحرف الذي يمد مدا مشبعا.
(والمقصور) أي: والحرف الذي يقصر عن الإشباع.
(والمتوسط) أي: والحرف الذي يمد مدا متوسطا بين الإشباع والقصر.
والمد 1 في اللغة: الزيادة ومنه قوله تعالى: (يمددكم ربكم) أي: يزدكم.
وفي الاصطلاح إطالة الصوت بحروفه.
وحقيقة القصر 2 في اللغة: الحبس ومنه: قوله تعالى: (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ) أي محبوسات.
وفي الاصطلاح هو حبس حروف المد عن الزيادة.
وحقيقة الإشباع أن تشبع الفتحة حتى تصير ألفا والضمة حتى تصير واوا والكسرة حتى تصير ياء.
وحقيقة التوسط تعلم مما يقابله من القصر والإشباع وسمي بالتوسط لتوسط مرتبته بين القصر والإشباع وذلك برفع مرتبته على القصر ونقصها من الإشباع.
مقادير المد
3قال بعضهم: مقدار القصر ألف واحد ومقدار الألف حركتان
ومقدار التوسط ألف ونصف (بما يعادل ثلاث حركات).
ومقدار الإشباع ألفان (بما يعادل أربع حركات).
وكل هذه الضوابط لأجل التقريب وإلا فلا يضبط ذلك إلا المشافهة والتلقي.
ويؤخذ من كلام الناظم أن أقسام المد ثلاثة: الإشباع والقصر والتوسط.
4قوله: (على المشهور) قيل: يعود إلى التوسط خاصة .
نص:
والمد واللين معا وصفـــــان للألــف الضعيف لازمــان
شرح:
قوله: (والمد واللين).
قوله: (والمد) أي: امتداد الصوت
قوله: (واللين) اللين في اللغة معناه: الرفق والسهولة
وفي الاصطلاح تليين الصوت برفق وسهولة احترازا من العياط والصراخ والصياح.
قوله: (معا) أي: جميعا.
قوله: (وصفان) أي: صفتان.
قوله: (للألف الضعيف) أي: أن المد واللين صفتان للألف الضعيف.
ووصف الألف بالضعيف إشارة منه إلى مذهب سيبويه الذي قال: (لا مخرج للألف يعتمد عليه وإنما يخرج من هواء 5الفم) .
قوله: (لازمان) أي: ثابتان وملازمان فلا يوجد الألف إلا ومعه المد واللين مطلقا بلا قيد ولا شرط بخلاف الواو والياء المديتين.
فالألف لا يكون إلا حرف مد ولين وهو ساكن أبد وما قبله مفتوح أبدا.
نص:
ثم هما في الواو والياء متى عن ضمة أو كسرة نشـــــأتا
شرح:
قوله: (ثم هما) يعني المد واللين.
قوله: (في الواو والياء) 6 معناه: ثم هما ثابتان في الواو والياء لكن بشرط.
قوله: (متى عن ضمة أو كسرة نشأتا) (متى) ظرف زمان يتضمن معنى الشرط وجوابه محذوف تقديره متى نشأتا عن ضمة أو كسرة مدتا.
وفي كلام الناظم تقديم وتأخير.
والتقدير: (متى نشأتا) أي: تولدتا والضمير في نشأتا يعود إلى الواو والياء.
وقوله: (عن ضمة أو كسرة نشأتا) لف ونشر مرتب فالضمة تعود إلى الواو والكسرة تعود إلى الياء.
ويؤخذ من كلامه هذا أن من شرط الواو أن تسبق بضم ومن شرط الياء أن تسبق بكسر.
7كما يؤخذ منه أن الحركات هي الأصل والحروف فرع أي أن الحركات أمهات للحروف والحروف تولدت منها .
إلى هنا انتهت حلقة هذا العدد والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————–
1- والمد ليس بحرف ولا بحركة لأنه صوت
2- القصر عند القراء إذا أطلق يراد به معان:
يطلق ويراد به الحبس عن الإشباع والتوسط نحو: (قال يقول).
ويطلق ويراد به الحبس عن المد بالكلية كالوقف بالقصر على (سوف و ريب).
ويطلق ويراد به الحبس عن الهمزة نحو: (هدىً) فهو مقصور في مقابل الممدود نحو: ( بناء) و(سواء).
3- إحداهما حركة الحرف الذي قبل حرف المد والأخرى هي حرف المد وقس ذلك في باقي أنواع المد.
4- وقال بعض الشيوخ : يحتمل أن يعود بجملة الكلام ردا على من يقول المد قسمان فقط، طبيعي وغير طبيعي ،ويحتمل ان يعود للمتوسط أي حيث صرح بالتوسط فهو المنشهور دون غيره..الفجر الساطع 2/74
قال المجراد: والأول عندي أظهر لأن الثاني ينكسر بسكون الوقف لأن الإشباع هو المشهور إيضاح الأسرار والبدائع الورقة 43/ ب
وقال السملالي: فكأنه يقول: حيثما وجد التوسط فهناك قصر وإشباع إلا أن التوسط هو المختار على غيره لورش حيث تقدم الهمزة على حروف المد واللين. (تحصيل المنافع)
5- وقال الخليل: ( يخرج من مخرج الهمزة من الحلق).
6- واعلم أن حروف المد ثلاثة: الألف مطلقا وهو الأصل في حروف المد والواو والياء بشرطين.
فالواو له ثلاثة أحوال: إذا سكنت وضم ما قبلها فهي حرف مد ولين نحو (يقول).
وإذا سكنت وفتح ما قبلها فهي حرف لين خاصة نحو: (سوف).
إذا تحركت فهي من حروف المعجم نحو: (استحوذ).
والياء لها ثلاثة أحوال : إذا سكنت وكسر ما قبلها فهي حرف مد ولين نحو: (قيل).
وإذا سكنت وانفتح ما قبلها فهي حرف لين خاصة نحو: (ريب).
وإذا تحركت فهي كسائر حروف المعجم.
7- لكن الناظم رحمه الله في باب الوقف قال: (والخلف في هاء الضمير بعدما ضمة أو كسرة أو أميهما) ومفاده أن الحروف هي الأصل والحركات تولدت عنها.
وقد اختلف القراء والنحويون في المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الحروف هي الأمهات والحركات تولدت عنها لأنه لم توجد حركة بلا حرف وأما الحرف فقد يوجد بلا حركة.
والقول الثاني: أن الحركات هي الأصل والحروف تولدت عنها وهو قول الكوفيين لأن الحركة إذا أشبعتها يتولد عنها ما يجانسها.
والقول الثالث ليس أحدهما أمهات للآخر وإنما جيء بهما معا فوقعا دفعة واحدة وهو قول من تعارضت عنده الأدلة تأمله.تحصيل المنافع للسملالي ص:42 مخطوط
قال الجعبري: والحق أنه ليس أحدهما أصلا للآخر لما يلزم من اجتماع الضدين في الأولين ولأن الذات لا تتركب من الأعراض ولا يكون العرض جزء الذات. كنز المعاني للجعبري الورقة 62/ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *