والرابع هو: المتكلم المشهور محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ق:6هـ) له في نقد الفلسفة ورجالها، كتاب: المصارعة، ردّ فيه على ابن سينا في قوله بقدم العالم، وإنكار المعاد الجسماني، ونفي علم الله وقدرته وخلقه للعالم، فردّ عليه وأبطل كلامه في ذلك.
وفي القرن السابع الهجري ردّ عليه النصير الطوسي في كتاب سماه: مصارعة المصارعة، نصر فيه أقوال الفلاسفة، وأنكر فيه خلق الله تعالى للكون في ستة أيام، ونفى علمه، وأنه لا يفعل شيئا بإرادته واختياره، وأنه لا يبعث من في القبور؛ وذكر ابن القيم أنه أطلع على هذا الكتاب. ولا شك أن ما زعمه الطوسي هو خرافات وأساطير، تتناقض تماما مع النقل والعقل والعلم الحديث، وقد سبق مناقشة بعضها وإظهار بطلانها.
والخامس هو: المتكلم فخر الدين بن الخطيب الرازي (ت:606هـ)، له مصنفات في الرد على الفلسفة وأهلها، منها: كتاب تعجيز الفلاسفة، صنفه باللغة الفارسية.
وسادسهم: شهاب الدين السهروردي البغدادي (ت:632هـ) -ليس هو السهروردي المقتول-، له كتاب في الرد على الفلاسفة.
وسابعهم: المظفر أحمد بن علي البغدادي المعروف بابن السعاتي (ت:694هـ)، له كتاب الدر المنضود في الرد على فيلسوف اليهود، ردّ به على ابن كمونة اليهودي البغدادي (ت ق:7هـ).
والثامن: هو شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية، له مصنفات كثيرة في الرد على الفلسفة ورجالها، منها: بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد، وكتاب إبطال قول الفلاسفة في الجواهر العقلية، وكتاب إبطال قول الفلاسفة بقدم العالم، وإبطال قول الفلاسفة في أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، والصفدية في الرد على الفلاسفة، والكلام على توحيد الفلاسفة على نظم ابن سينا، وله في نقد المنطق الأرسطي ثلاثة مصنفات.
والتاسع هو الحافظ جلال الدين السيوطي (ت:911هـ)، له كتاب نصيحة ذوي الإيمان في الرد على منطق اليونان، وأصل الكتاب لابن تيمية، اختصره السيوطي إلى نحو الثلث.
وآخرهم -أي العاشر- الفقيه محمد بن الوزير اليمني، له كتاب: ترجيح أساليب القرآن لأهل الإيمان على أساليب اليونان وبيان ذلك بإجماع الأعيان بأوضح البيان.
ولعلماء أهل السنة ردود أخرى كثيرة ردوا بها على الفلسفة وأهلها، نجدها مبعثرة في مصنفاتهم المتنوعة، أذكر منهم ستة علماء، أولهم القاضي أبو بكر بن العربي المالكي المغربي (ق:6هـ)، أفرد في كتابه العواصم من القواصم، مباحث كثيرة للرد على الفلسفة وأهلها، أجاد في بعضها وكان ضعيفا في أخرى.
والثاني الفقيه عبد الرحمن بن الجوزي، خصص في كتابه تلبيس إبليس، فصلين للفلسفة، عرض فيهما أفكارها، وبيّن تلبيسات الشيطان على أهلها، ورد على بعض أفكارهم، كزعمهم أن الله تعالى لا يعلم شيئا، وإنما يعلم نفسه فقط، فانتقدهم وبيّن زيف كلامهم، ثم قال عنهم: (فانظروا إلى ما زينه إبليس لهؤلاء الحمقاء، مع ادعائهم كمال العقل).