من مذكرات عمر بن أبي ربيعة / صديق إبليس
قال عمر بن أبي ربيعة وهو يحكي قصته مع زوجته كلثم بعدما خانها مع جاريتين من الكوفة بسبب ابن هلال الساحر، فعلمت خبره، وأنكرت عليه..، فكان من حكايته هذا المقطع:
قالت صهباء (مولاة ابن هلال): “فهذا الخبيث ابن هلال (الساحر) قد ألقى الطاعة إلى إبليس حتى عظم أمره عنده فهو يُخدِمه ويناطقه، وحتى لقد ترك له صلاة العصر تقربا إليه، وحتى أباحه إبليس أن يأمر الشياطين تتلعب ببني آدم، ومن شرطه عليه أن لا يزال أبدا يجمع بين الرجال والنساء في الحرام..”.
(جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر 1/270).
لقد كان شرط الشيطان على الساحر حتى يُخدِمه الشياطين بعد تقربه له بترك الصلاة، أن يحرص الساحر (الشيطان الإنسي) على أن يجمع بين الرجال والنساء في الحرام، فيدعو الناس لممارسة الزنا، ويهيئ لهم دور الدعارة، ويسن لهم القوانين المبيحة لهذه الفاحشة، أو يكتب المقالات التي تدعو الناس لممارسة حقهم الشهواني من غير قيود الشرع أو القانون..
فهذه الصحفية العلمانية -التي لا تتحرج في رفض وصاية الأحكام الشرعية على كل مناحي الحياة- سناء العاجي تقول بصراحة وجرأة: “لنقلها صراحة وبلا رياء: استهلاك المواد الكحولية اختيار شخصي وحرية فردية يمارسها أشخاص راشدون؛ ولعل تقنين بيعها قد يخفف من استهلاكها، لأن كل ممنوع مرغوب. الشيء نفسه بالنسبة إلى العلاقات الجنسية قبل الزواج في المغرب. من حق أي كان أن يرفض استهلاك المشروبات الكحولية أو العلاقات الجنسية قبل-الزوجية، لكن ذلك لا يغير شيئا من واقع مجتمع يتحول باستمرار..” (ج الصباح ع:3750).
فحسب الرؤية العلمانية البرغماتية والمختزلة يكفي وجود الممارسة لإثباتها وتقنين إباحتها، شرط أن تكون هذه الممارسة مناسبة للتسيب الفكري والقيمي العلماني، غير أننا بلد إسلامي غالبيته مسلمون لا يمكن أن نرضخ لرغبات قلة مستغربة فكريا وأخلاقيا حتى تفرض علينا قوانين الغرب المنافية لقيمنا وأحكام ديننا الإسلامي.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نِعْمَ أَنْتَ” قال الأعمش: أراه قال: “فيلتزمه” (يعانقه). رواه مسلم 2813.
من خلال هذا الحديث يظهر أن أفضل عمل شيطاني هو تشتيت الأسر وتفريق الأزواج، ومعلوم أن هذا من العوامل التي تغذي مجال ممارسة الدعارة، ويكفي أن نعلم أن نسبا مرتفعة من المتعاطيات لفاحشة الزنا من المطلقات، أو من الفتيات اللواتي عانين من التفكك الأسري..، وحتى الرجال الممارسين للفاحشة إما غير متزوجين أو يعانون وضع غير مستقر أسريا..
فيا أصدقاء إبليس كفوا عنا دعواتكم الباطلة الداعية إلى التسيب الجنسي، لأن العاقل من اتعظ بغيره، والعقل قبل الشرع يدعونا إلى الاعتبار بحال الأمم الغربية التي تعاني جراء التسيب الجنسي فظاعات أخلاقية وقيمية لا مثيل لها؛ من قبيل انتشار الجرائم الجنسية على اختلاف أنواعها، وارتفاع حالات الإصابة بالأمراض الجنسية المختلفة، وأخطر من ذلك ضياع المجتمع وتفككه فلا وجود لقيمة الأسرة ولا بر الوالدين ولا الأخوة الإيمانية ولا حق الجوار ولا..، فقط قوانين وضعية تفتقد ربانية أحكامنا الشرعية.
فهل نترك شريعة ربنا للانغماس في منظومة قانونية بشرية لا تلتفت إلى دين أو خلق؟