لماذا تحمي أمريكا الكيان الصهيوني؟ ولماذا تشهر حق الفيتو لمنع أي قرار بمجرد إدانته بله معاقبته من طرف مجلس الأمن؟ عبد الله الشرقي

يأسف الإنسان حين يسمع أناسا يحسبون على الثقافة والمثقفين، ويرى آخرين أمثالهم تسللوا إلى ميدان السياسة في زمن يُخوَّن فيه الأمين ويؤتمن فيه الخائن وينطق فيه الرويبضة، يبذلون جهدهم ويستميتون في التصدي لكل عمل تشم منه رائحة الرجوع إلى تحكيم القرآن والسنة بدعوى أن ذلك ممتنع لتناقضه مع أسس الديمقراطية كما يفهمونها، في حين يتبجحون بديموقراطية الكيان الصهيوني الذي يقوده اليمين المتطرف والذي أسس أحزابه على تعاليم التلمود الحاقدة، ويبجلون ديمقراطية أمريكا مستعبدة الشعوب ومشعلة الحروب.
وحتى نرفع الجهل عن هذا النوع من المتعالمين نقدم هذا المقال المقتبس من كتاب: “حكومة العالم الخفية، من يحكم العالم سرًا؟ أصابع خفية تقود العالم” لمؤلفه منصور عبد الحكيم، وذلك حتى يعرفوا من هم شيوخ رؤساء أمريكا التي تجبرنا على احترام حقوق الإنسان بينما هي تبيده.
المقال يسلط الضوء على “النظرية” التدبيرية المؤسسة لقناعات هذه الدولة الديكتاتورية، ويطلعنا على عقيدة أشهر الشخصيات الإنجيلية الأصولية حتى نعلم الإجابة عن سؤال:
لماذا تحمي أمريكا الكيان الصهيوني؟
ولماذا تشهر حق الفيتو لمنع أي قرار بمجرد إدانته بله معاقبته من طرف مجلس الأمن؟ هذا المجلس الذي أسسوه يوم كانوا يحتلون بلداننا للحفاظ على أمن دولهم وشعوبهم، ولنشر الخوف في شعوبنا المسلمة وتوزيع العقوبات الاقتصادية على الدول الإسلامية.

ظهور النظرية التدبيرية

تعود هذه النظرية التدبيرية وانتشارها في أمريكا إلى جهود “سايروس إنجيرزون سكوفيلد “المولود عام 1843م في كلنتون بولاية “متشغن”، وقد تأثر “سكوفيلد” بنظيره الأيرلندي “جون نلسون داربي” الذي عاش في القرن التاسع عشر الميلادي ودرس في كلية “ترينتي” في “دبلي” ثم عمل قسيسا في انجلترا، وقال: “إن لله مخططين، وإن عند الله مجموعتين من الناس يتعامل معهما، وأن إسرائيل كانت مملكة الله على الأرض وأن الكنيسة المسيحية كانت مملكة الله في السماء”.
وزار “جون نلسون داربي” كندا وأمريكا وأثر في عقيدة راعى الكنيسة المسيحية في “سانت لويس” القس “جايمس بروكس” ومن هنا بدأ تأثر “سكوفيلد” وإيمانه بنظرية “داربي” التدبيرية القائمة على النبوءات التوراتية الإنجيلية والتي لها التأثير الكبير في صنع القرار السياسي الأمريكي..! لقد جعل “سكوفيلد” و”داربي” النبوءة الدينية في المقام الأول لفهم المسيحية. ومع بداية عام 1875م عقد “سكوفيلد” عدة مؤتمرات حول النبوءات في الكتاب المقدس وشرح مخطط الله على الأرض من أجل إسرائيل و مخطط الله في السماء من أجل خلاص المسيحيين، وأدخل تفسيرات على النظام الإيماني للإنجيل. وفي عام 1909م طبع أول مرجع إنجيلي وضعه “سكوفيلد” وأصبح أكثر الكتب المتداولة حول المسيحية وطبع منه ملايين النسخ.
وقد برع “سكوفيلد” في شرح آرائه الشخصية حول نبوءات الإنجيل، وأوضح أن تاريخ الإنسان ينقسم إلى مراحل محددة حيث إن الله يتراءى للإنسان بطرق مختلفة.
أما المرحلة “التدبيرية” فيقول عنها إنها مرحلة من الوقت يمتحن فيها الإنسان بالنسبة إلى طاعة الله. وقسَّم المراحل المحددة إلى سبع مراحل مميزة، ويرى أنه لا أصل في هذا العالم أن يعيش في سلام وأن العالم يتجه نحو كارثة حقيقية مدمرة ومعركة نهائية يقودها المسيح هي معركة هرمجدون، وأن المسيح سوف يرفع أتباعه إلى السماء لينقذهم من تلك الكارثة المحققة. وقد توغلت تلك المفاهيم الخاطئة لنبوءات الإنجيل في وجدان الشعب الأمريكي منذ القرن التاسع عشر الميلادي وحتى القرن الواحد والعشرين، حتى إن دراسة لمؤسسة “نلسن” نشرت في أكتوبر عام 1985م تقول إن 61 مليون أمريكي أي 40 %من المشاهدين يستمعون بانتظام إلى 9 مبشرين يقولون لهم إننا لا نستطيع أن نفعل شيئًا لمنع حرب نووية تنفجر في حياتنا.

أشهر الشخصيات الإنجيلية الأصولية
من الشخصيات المؤثرة في الشعب الأمريكي وأحد دعاة الهرمجدون ومؤيدي الدولة العبرية الإسرائيلية القس “بات روبرتسون” الذي يستضيف برنامجًا ومدته 90 دقيقة يوميَّا يدعى نادي الـ 700، نسبة إلى 700 مساهم معه، وهذا البرنامج يصل إلى أكثر من 16 مليون عائلة أمريكية أي أكثر من 19% من الأمريكيين.
ويوظف “روبرتسون” حوالي 1300 شخص لإدارة شبكته التلفزيونية المسيحية )سي.بي .إن( وتضم ثلاث محطات تلفزيونية ومحطة راديو ومراسلين في 60 دولة، وتقدم برامج إخبارية ودعائية لإسرائيل وتحقق عائدات سنوية تزيد عن 200 مليون دولار في الثمانينيات، ووصل نفوذ “روبرتسون” إلى البيت الأبيض إلى الحد أنه رشح نفسه للرئاسة، وذلك عام 1988م عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الأولية.
ومن الشخصيات التي أثرت في صنع القرار الأمريكي أيام “ريجان” المبشر “جيري فولويل” الذي يلقي دروسه التبشرية الأسبوعية إلى حوالي 5,6 مليون منزل بأمريكا، أي حوالي 6,6% من المشاهدين.
وكان “جيري فولويل” من مؤيدي التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ومن أشد أنصار الدولة اليهودية الإسرائيلية ومن مروجي “الهرمجدون”.
وفي عام 1985م أيد “فولويل” الديكتاتور الفلبين “ماركوس”، ثم أنشأ عام 1986م منظمة تدعى “فيديرالية الحرية” لتكون بمثابة الأم “للمجموعة المعنوية” التي يقودها.
وفي عام 1986م أقام حفل غداء في واشنطن لتأييد “بوش الأب” الذي كان نائبًا للرئيس ريجان، وأخبر “فولويل” ضيوفه أن بوش سيكون أفضل رئيس في عام 1988م.
واشترى “فولويل” شبكة تلفزيونية هي الشركة المسيحية الوطنية وأسماها محطة “الحرية للبث” كي تذيع برامج دينية لمدة 24 ساعة، كلها تبشر بنبوءات الكتاب المقدس لصالح دولة إسرائيل الكبرى ومعركة هرمجدون.
ولقد كان تأثير “فولويل” كبيرًا على الرئيس “ريجان” الذي كان يعتقد أنه أحد قادة معركة هرمجدون.
القس “جيمس سواجارت” وهو واحد من أشهر “المبشرين” المقبولين جماهيريَّا، ويملك ثاني أكثر المحطات التلفزيونية الإنجيلية شهرة حسب استقصاء مؤسسة “نلسون”، ويصل صوته إلى نحو 5,4 % من المشاهدين الأمريكان أي حوالي 9 ملايين أسرة أيام الآحاد.
وهناك “جيم بيكر” الذي يملك أشهر ثالث المحطات التلفزيونية الإنجيلية، وهو أحد تلامذة “روبرتسون” ويصل صوته إلى 6 ملايين بيت في أمريكا.. وهو يعتقد مثل جميع “التدبيريين” بالمجيء الثاني للمسيح وبمعركة الهرمجدون، ومحطته التلفزيونية تحقق أرباحًا تقدر بأكثر من 100 مليون دولار أمريكي.
وهناك “كينين كوبلاند” الذي يصل صوته إلى 4,9 مليون أسرة مشاهدة لبرامجه التبشيرية، وهو يرى أن إسرائيل الحديثة وصهيون الإنجيلية شيء واحد، ويردد إن الله أقام إسرائيل، وأننا نشاهد الله يتحرك من أجل إسرائيل، ويقول : إنه لوقت رائع أن نشعر الله مدى تقديرنا إلى جذور إبراهيم.
“ريتشارد دي هان” يصل برنامجه التلفزيوني التبشيري المسمى “يوم كشف النظام” إلى نحو خمسة ملايين منزل أمريكي.
“أورال روبرتس” ويصل برامجه التلفزيونية إلى نحو ستة ملايين أسرة أمريكية من المشاهدين، ويقول “أورال” إن الله طلب منه أن ينشئ هذه الجامعة، وإن الله أخبره في عام 1968 م أن يترك الكنيسة المقدسة في “نبتيكوستال” وأن يصبح قسيسًا في كنيسة “ميثوديست”، وقد تخرج من جامعة المبشر “كينين كوبلاند” الذي أصبح أحد “المبشرين” الإنجيليين اللامعين في أمريكا.
“ريكس همبرد” أحد “المبشرين” لتعاليم “سكوفيلد” ويصل صوته إلى 3,7 مليون أسرة أمريكية.
والجدير بالذكر أن من بين 80 ألف قسيس إنجيلي يذيعون يوميا من خلال 400 محطة راديو، والأكثرين منهم من “التدبيريين” المؤيدين للنظام العنصري في إسرائيل، وهم بالقوة بمثابة الملوك المتوجين على العرش الأمريكي ويجمعون ملايين الدولارات يوميا، ومعظم المدارس الإنجيلية في أمريكا تدرس النظام الديني ونظرية هرمجدون ومن يؤمن بأن الخلاص في الحرب المدمرة على أرض هرمجدون بفلسطين.
ومجيدو أو مجدون تل يقع على وادي يسمى يزرعيل على بعد 20 ميلا من شرق مدينة حيفا، وكلمة “هر” تعني جبل وأضيفت إلى مجيدو، فأصبحت هرمجدون أي تل أو جبل مجدون )وقد جرت على أرض هرمجدون معارك كثيرة قديمة قبل الميلاد وبعده(.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *