د- بصر الله تعالى لا يعلم كنهه وحقيقته إلا هو سبحانه، أما بصر المخلوق فمعلوم كنهه وكيفيته. فالبصر هو: “قدرة الدماغ والعين على كشف الموجة الكهرومغناطيسية للضوء لتفسير صورة الأفق المنظور. العين ترى الموجودات لتميز الألوان والأشكال وتكشف النور عن الظلام، لذا عندما يمر الضوء من عدسة العين يؤدي ذلك إلى انعكاس الصور المنظورة على شبكية العين التي تقوم بدورها بنقل الصورة للدماغ القادر على إدراكها. وعملية الرؤية بالعين تتألف من:
القرنية، العدسة المحدبة والزجاجية، هي التي تكون الصورة.
الضوء الذي يعبر خلالها ينكسر ويكون صوره مصغره ومعكوسة على الشبكية.
الصورة معكوسة، ومع ذلك نرى الأجسام بحالتها الصحيحة وذلك بفضل الدماغ.
وتتم هذه العملية كالآتي:
تمر الصورة الضوئية عبر العين وتمر إلى الشبكية حيث عند وصول الصورة إلى الشبكية تكون مصغرة و مقلوبة ثم ترسل الشبكية رساله مرموزة إلى الدماغ وتدقيقا في الفص القفوي في مؤخرة الدماغ عبر العصب البصري والدي يحتوي على الياف عصبية كثيرة حيث يستقبل الفص القفوي من المخ المسؤول عن حاسة الابصار ليستقبل الرسالة من الشبكية و تعديل الصورة المقلوبة وتكبيرها· والفص القفوي الموجود في مؤخرة المخ هو المسؤول عن البصر.
الأضواء التي تستقبلها مستقبلات الرؤية تثير في عصب البصر إشارات كهربائية. تسري هذه الإشارات الكهربائية في عصب البصر إلى الدماغ. وهذا يبين دور الدماغ الفعال في عملة الرؤية وفهم ما نراه.”([1]).
ر- بصر الله تعالى محيط بكل شيء ولا يعزب عنه شيء مهما دق أو خفي، قال تعالى عن نفسه:” إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ”-الملك:19-، فأتى سبحانه بأداة التأكيد “إن”، وقدم ما حقه التأخير حيث قدم الجار والمجرور “بكل” على متعلقها “بصير” وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر، كما أتى سبحانه بكلمة “كل” المفيدة للعموم، فدل ذلك على أنه سبحانه بصير بكل شيء لا يخرج عن بصره شيء، ولا أحد يحيط بصره بكل الأشياء إلا هو سبحانه.
أما الإنسان فبصره لا يتعدى ما بالإمكان ولا يتجاوز حدوده التي حدها له الملك الديان، فهناك أشياء لا يمكن للإنسان أن يراها مهما قوي بصره، من ذلك: عالم الجن، قال تعالى: “إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ”، وعالم الملائكة لأنهم عالم نوراني خلق من نور، فلا يمكن رؤيتهم، وهناك أشياء لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة لدقتها كالذرات والميكروبات وغيرها مما لا بد فيه من الاستعانة بآلات تكبير لرؤيتها.
وهناك ما هو محجوب بالأرض و السموات، فالعالم العلوي لا يد لأحد على رؤيته، وكذا ما تحت الثرى، لا يمكن رؤيته.
وقد أقسم الله في كتابه بما نبصر وما لا نبصر، فقال جل في علاه: “فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، وَمَا لَا تُبْصِرُونَ” -الحاقة:38-39-
قال الحبر ابن عباس رضي الله عنهما: “يقول: بما ترون وبما لا ترون”([2]).
—————————————-