هل تلاوة القرآن من المصحف أفضل أم من الحفظ؟

الأفضل في قراءة القرآن أن يفعل الإنسان ما يزداد به خشوعه، فإن كان يزيد خشوعه بالقراءة من حفظه، فهو أفضل، وإن كان يزيد خشوعه بالقراءة من المصحف فهو أفضل، فإن استوى خشوعه في الحالين فالقراءة من المصحف أفضل، لأنه يجمع بين القراءة والنظر، ويحفظ بصره من الالتفات إلى ما يشغله عن القراءة والتدبر.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي زوجه المرأة بما معه من القرآن: “(أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)” رواه البخاري (5030)، ومسلم (1425) فإنه لا يدل على أن التلاوة حفظا أفضل من التلاوة نظرا، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتأكد أنه يحفظ هذه السور من القرآن ؛ حتى يتمكن من تعليم المرأة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:” دَلَّ الحديث عَلَى فَضْلِ الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ، لِأَنَّهَا أَمْكَنُ فِي التَّوَصُّل إِلَى التَّعْلِيم. وَقَالَ ابن كَثِيرٍ: هذه قَضِيَّةُ عَيْنٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ كَانَ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، وَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ التِّلَاوَةَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ لِاسْتِثْبَاتِ أَنَّهُ يَحْفَظُ تِلْكَ السُّوَرَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؛ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ تَعْلِيمِهِ لِزَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنَ التِّلَاوَةِ نَظَرًا، وَلَا عَدَمَهَ “. انتهى بمعناه من “فتح الباري” (9/ 78).
هذا مع ما في سياق الحديث من الإشادة بشأن هذه السور التي معه، والتنبيه على فضل حفظها، والعناية بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *