واجبنا نحو أهلنا في بورما..

ليس تقليلا من شأن المقدسات الإسلامية ولا استهانة بمشاعر المسلمين الجياشة تجاهها، وإنما إحقاقا للحق وعملا بصحيح الدين، نقول إن ما نراه من تراخي إسلامي وعربي تجاه ما يحدث مع إخواننا في بورما يعبر عن شيزوفرينيا في المواقف، فأين الجموع التي استنكرت وعبرت بكل الوسائل عن غضبها واستهجانها حينما رسم مغمور رسما يسيء فيه إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؟
وأين هذه الجموع التي تكون في الموعد حين تسيء دولة ما إلى الإسلام عن جهل أو كيد؟
أين هذه الجموع من النفوس المؤمنة الطاهرة التي تسفك ليل نهار على عتبات معابد بوذا في بورما؟
أين هذه الجموع من اغتصاب أخواتنا المسلمات على أيدي أراذل الخلق ممن كفر بالله وأشرك؟
أين هذه الجموع من التمثيل بجثث إخواننا وإهانة مقدساتهم وظلمهم وتعذيبهم؟
أين هذه الجموع من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)، وفي رواية أخرى: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلمٍ)، فللمسلم ودمه حرمة عند الله عز وجل، بحيث قُرن بين قتله وزوال الدنيا كلها، بل إن زوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مؤمن بغير حق، بل إن للمسلم حرمة بعد موته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ كسر عظم المؤمن ميتاً مثل كسره حياً).
لماذا لا تتحرك هذه الجموع بنفس الزخم لمناصرة أخواننا الروهينجيا في بورما، أليس من إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل هذه النفوس الموحدة، وتعدي أراذل الخلق عليها، وهتك أعراض الحرائر الطاهرات؟
إن كانت الجواب بلا فقد أخطأت وظلمت، وإن الجواب ببلى فلماذا لا نغضب؟
ولماذا لا ننصر إخواننا بكل ما نملك ونستطيع؟
إخواننا في بورما يحتاجون إلى الدعم المالي، يحتاجون إلى من يدعموهم بالطعام والكساء والدواء، فقد قضى البوذيون وحكومة بورما الجائرة على غالب مقومات الحياة لديهم وسلبوهم -إضافة إلى الحقوق- ما يملكونه، وما يتقوتون به، فلماذا لا تخرج القوافل الإغاثية من بلداننا لنصرتهم هناك؟ أين أثرياء المسلمين وأمرائهم من مأساة هذا الشعب المسلم؟
ويحتاج إخواننا في بورما كذلك إلى الدعم الإعلامي، فأين أجهزة الإعلام العربي والإسلامي من مأساتهم؟ ولماذا التغافل والإهمال لمعاناتهم؟ ولماذا نرى من يتحكمون في أجهزة الإعلام في بلداننا يكيلون بمكيالين في التعامل مع المسلمين وغيرهم؟
لماذا تضخم بعض الحوادث الفردية في بلداننا بحق الأقليات ممن يدينون بغير الإسلام، في حين نرى تجاهلا تاما لمأساة، لا أقول الآلاف بل الملايين من المسلمين المنكوبين والمشردين في كافة أنحاء العالم، وعلى رأسهم أهلنا في بورما؟
إن الدعم الإعلامي من أقوى أسباب النصرة لأهل بورما من المسلمين؛ حتى يعرف العالم حقيقة المأساة التي يعيشون فيها، وعظم الجرم الواقع عليهم من قبل متطرفي البوذيين وحكومة بورما المتآمرة ضدهم.
ويوازي الدعم الإعلامي في القوة ويزيد الدعم السياسي من قبل الساسة والحكام المسلمين، فتدويل مثل هذه القضية، وإحداث زخم سياسي عالمي لها من شأنه أن يوقف من حدة الانتهاكات التي تنال مسلمي بورما.
وقد أكد هذا الأمر مسؤول التعليم والمشاريع في مؤسسة الفياضي الخيرية محمد إدريس حيث أوضح أنه “عندما زار داود أوغلو الإقليم، وهو الزعيم المسلم الوحيد الذي زار البلاد، أثَّرت زيارته بشكل إيجابي على المسلمين، من مثل أن حكومة ميانمار، بدأت تخاف من اتخاذ المسألة أبعادًا إسلامية دولية أكثر من قبل”.
وأشار إدريس أيضا إلى أنه عقب الزيارة، بدأت منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة بالاهتمام بالقضية أكثر، داعيًا مسؤولي العالم وبشكل خاص الدول الإسلامية إلى زيارة الإقليم.
لذلك علينا أن نفعِّل جميع الخيارات لدينا لنجدة إخواننا في بورما (إعلاميا وماديا وسياسيا)، وعلينا أن ندرك أن الضغط الجماهيري في بلداننا العربية والإسلامية هو أنجح سبيل لتفعيل هذه الخيارات، وأن استحضار المشهد البورمي وما يحدث فيه من مجازر في حق المسلمين في كل فعالياتنا له أثر قوي في تعامل الحكومة البوذية مع الملف الإسلامي هناك.
مركز التأصيل للدراسات والبحوث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *