قد تبدو هذه الإطالة في غير محلها، لكن السياق يقتضيها، فكرت بالمشاركة في عرض كرونولوجي يستعرض محطات ومحاولات الاستهزاء والإيذاء الفاشلة في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأجد نفسي أمام كم هائل من المحاولات الفاشلة، لم تنقطع ولم تتوقف، ليتضح أن الأمر يتعلق بسياسة ممنهجة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، وليست مجرد محطات معزولة أو محاولات فردية متعصبة طائشة، بل هي حرب تتبادل فيها الأدوار، وتتوارثها الأجيال، يغذيها الحقد الدفين، وتؤطرها حينا أحقاد النصرانية واليهودية، وحينا أغاليط الاستشراق، وأحيانا الفراغ وقلة الشغل، وأحيانا أخرى التقليد وحب الشهرة والظهور وربما العمالة والاسترزاق، لكنها في نهاية المطاف تخدم أجندة واحدة، تشويه صاحب الرسالة والتهوين من شأن السنة؛ وتجريء الناس على الإسلام من أجل محاربته والقضاء عليه. في حملة لا تقل ضراوة وشراسة وإرهابا من الحملات العسكرية التي تستهدف البلاد والعباد والثروات والمقدرات والأرزاق، بل هي أخطر وأشد، لذلك كانت هذه المساهمة لتجلية الأمر وكشف جذوره، ورغم محاولاتي الاختصار والإيجاز فقد خرجت بهذا الحجم، لترسم صورة واضحة جلية عن كيد الليل والنهار، كيد ممنهج مدروس ممول، موصول الحبل بأسلافه من مشركي قريش وكفار العرب والعجم.
مقدمة:
الاستهزاء بالأنبياء والصالحين والمصلحين عادة جارية منذ القدم يقوم بها الكفار والطغاة على مر العصور، ولأن الأنبياء والرسل من أشرف الناس نسباً، وأكملهم خلقاً، وأوفرهم عقلاً، وأكثرهم حكمة، ومن أبعد الناس عن الانحراف والخطأ، فإن القصد من تلك الحملات المغرضة هو الفت في عضدهم وتنفير الناس عنهم وتشويه دعواتهم، وهي عادة لم يسلم منها نبي ولا رسول بما فيهم خير الخلق وحبيب الحق، نبينا ورسولنا وقائدنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه، حيث تصدى له كبار المشركين والكفار والملحدين والفجار ومن سار على دربهم ولف لفهم إلى يوم الناس هذا.
إن زمرة المحادين لله، والمناوئين لرسله، المحاربين لأنبيائه، كثيرة جمة، وقائمة الوقاحة طويلة مليئة بالأسماء القذرة التي ما فتئت تنفث سمها الزعاف، وتنشر نتنها الخبيث، في كل الأزمنة والعصور، قال تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ).
فنجد طائفة من هذه الزمرة الحاقدة تقول لنوح عليه السلام كما يسجل لنا القرآن الكريم: “قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ”.
وقالت زمرة أخرى لعاد: “قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ”.
وزعمت طغمة منهم أن سليمان عليه السلام كان سفاكاً للدماء، وأنه قتل أخاه لينفرد بالحكم، وزعمت أخرى أن عيسى عليه السلام لم يولد من عذراء وأن أمه كانت على علاقة بيوسف النجار.
وكتبهم طافحة بما دونوه عن زنا لوط بابنتيه، وخيانة موسى وهارون لله، وزنا داود بامرأة عبده أوريا ثم تآمره عليه وقتله، وغضب الرب على سليمان، واتهام الأنبياء بأنهم كانوا سراق ولصوص، دون الحديث عن قتلهم الأنبياء، وتعاقبهم على ذلك، إلى أن جاء خاتمهم وقائدهم وقدوتهم الحبيب المصطفى والرسول المجتبى سيد الخلق وحبيب الحق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما، حيث وثق لنا القرآن والسنة والسيرة تلك الاعتداءات والمحاولات الفاشلة للاستهزاء به والنيل منه.
محطات من سياسة المشركين والمنافقين
في التنقيص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم
ونجمل تلك المحاولات الفاشلة التي وثقها القرآن في:
الاستهزاء الأول: يقول تعالى: (وَقَالُوا يا أيها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) فكفار قريش قد استهزؤوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- استهزاء ظاهره المدح، فكيف يصفونه بالنبوة ثم يقولون له: إنك لمجنون؟! إذن؛ فنداؤهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بـ(يا أيها الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) استهزاء ظاهر، عليهم لعنة الله. وهذا استهزاء بأسلوب إطلاق المدح بقصد الاستهزاء لا المدح. ولم يكتفوا بمجرد هذا الوصف الاستهزائي، بل طعنوا في عقل النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا عنه: إنه مجنون.
الاستهزاء الثاني: يقول تعالى: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا)، فالكفار المشركون المكذبون بالبعث يتخذون النبي -صلى الله عليه وسلم- هزواً؛ إذا رأوه في مجلس من مجالس مكة، أو رأوه ماشياً في شعب من شعاب مكة، وفي قولهم هذا: (أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا) احتقار للنبي -صلى الله عليه وسلم- واستهزاء به.
أما احتقارهم له: فإشارتهم إليه باسم الإشارة: (هذا)؛ لأن اسم الإشارة (هذا) يستخدم للاحتقار.
أما استهزاؤهم به: وصفهم إياه بصفة الرسالة (أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا). فهم لا يؤمنون به؛ ولذلك فوصفه بأنه مرسل هو استهزاء وتهكم منهم.
والاستهزاء الذي كان يلاقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو مشقة عظيمة، فقد كان المشركون يرون النبي -صلى الله عليه وسلم- مرات كثيرة؛ ويتكرر استهزاؤهم به مرات عديدة؛ لأنهم يستهزئون به كلما رأوه. ورغم ذلك صبر وصابر وبقي على دعوته، رغم ما لقيه من الأذى.
الاستهزاء الثالث: يقول تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا).
والشاهد في هذه الآية أن الكفار استهزؤوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وقولهم: (الرَّسُولِ) تهكم واستهزاء؛ لأنهم لا يؤمنون به ولا برسالته، فوصفه بالرسول استهزاء منهم.
يقول الزمخشري: “وتسميته بالرسول سخرية منهم وطنْز”.
إذن؛ فالكفار أطلقوا المدح بقصد الاستهزاء والسخرية.
الاستهزاء الرابع: يقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ).
فنكروه وقالوا: (رَجُلٍ) وعاملوه معاملة المجهول في طريقة الدلالة عليه، كأنهم يخبرون عن عجيبة من عجائب الدهر. وهم كانوا يقصدون بذلك الاستهزاء والسخرية والتهكم.
وكأنهم يقولون: “هل ندلكم على رجل عجيب غريب، حتى ليقول: إنكم بعد الموت والبلى تخلقون من جديد، وتعودون للوجود”. وهذا الاستهزاء كان بأسلوب الاستفهام المساق للاستهزاء.
الاستهزاء الخامس: يقول تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)
فالمنافقون يستمعون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن إذا خرجوا من عنده -صلى الله عليه وسلم- سأل المنافقون أهل العلم من الصحابة -رضوان الله عليهم- عن الذي قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصورة الاستعلام ولكنهم يستهزئون.
الاستهزاء السادس: يقول تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ).
وقد بلغ الاستهزاء عند الكفار مبلغاً عظيماً؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيهم بالمعجزة الواضحة البينة فيسخرون وذلك لأنهم ألفوا السخرية والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي غزوة تبوك التي حل بالمسلمين فيها من النصب والتعب والجوع والعطش الشيء الكثير: استهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم من استهزأ، فنزل الوحي من فوق سبع سماوات يعلن كفر هؤلاء المستهزئين: قال تعالى: “وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ”.
وزعم الأعداء أن محمد كان متهوساً ومصاباً بالصرع، وأنه ألف من النصرانية واليهودية والجاهلية ديناً هو الإسلام. وغير هذا كثير كثير، لكنه لم ينل من شخصه ولا من دعوته، ولم يقتصر الأمر على الاستهزاء والسخرية بل وصلت الوقاحة للإيذاء والاعتداء. ولم يقف الاستهزاء عند حد الكلام فقط، بل تجاوزوا الأمر إلى الفعل. وتذكر كتب السير أنه لما مات عبد الله -الابن الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم- استبشر أبو لهب وذهب إلى المشركين يبشرهم بأن محمدًا صار أبتر.
محطات من إساءة الغرب
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
من الأمور المؤكدة أن هذه الجريمة الأخيرة بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست جديدة على العقلية الغربية، بل إنها نتاج ما توارثته العقلية الغربية من نظرة مشوهة عمدًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللإسلام، وقد أفاض الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه: (دفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم ضد المنتقصين من قدره) في عرض مواقف الباحثين والمؤلفين الأوروبيين من رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ القرن العاشر الميلادي وما قبله، حيث يظهر كم الإساءات المتعمدة والأكاذيب المشوهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولدين الإسلام، ويتأكد لنا أن هذه الأكاذيب لم تكن أمرًا عفويًا أو نادرًا بل كانت منهجًا تلقاه الخلف عن السلف، فلم يكن مستغربًا أن تقدم صحف غربية معاصرة في تجديده للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
وبعيدًا عن ذكر الأمثلة الكثيرة على ذلك نكتفي بإيراد شهادة واحدة أدلى بها الباحث الفرنسي “إرينست رينان”، والذي يقول: “لقد كتب المسيحيون تاريخًا غريبًا عن محمد.. إنه تاريخ يمتلئ بالحقد والكراهية له، لقد ادعوا أن محمدًا كان يسجد لتمثال من الذهب كانت تخبئه الشياطين له، ولقد وصمه دانتي بالإلحاد في رواية الجحيم، وأصبح اسم محمد عنده وعند غيره مرادفًا لكلمة كافرًا أو زنديق، ولقد كان محمدًا في نظر كتاب العصور الوسطى تارة ساحرًا، وتارة أخرى فاجرًا شنيعًا ولصًا يسرق الإبل، وكاردينالاً لم يفلح في أن يكون بابا فاخترع دينًا جديدًا اسمه الإسلام لينتقم به من أعدائه، وصارت سيرته رمزًا لكل الموبقات وموضوعًا لكل الحكايات البغيضة”.
هكذا يلخص رينان النظرة الأوروبية على مدى القرون، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي نظرة لم تختلف كثيرًا في العصر الحديث؛ حيث أخذت الإساءة بعدًا أكثر تنظيمًا، وأكثر قبحًا ولعل أخطر هذه الإساءات تلك الحملة الكبرى التي نظمتها مجموعة من الجمعيات التّنصيرية حشدت أكثر مليون منصّر بدعم من الفاتيكان للحدّ من انتشار الإسلام في العالم، والعودة بالبشريّة إلى المسيحيّة، ونشرت صحيفة (فليت إم زونتاج) الألمانية تقريراً عن منظمة رابطة الرهبان لتنصير الشعوب؛ سلطت فيه الضوء على جهود المنظمة في نشر الدين المسيحي ومعتقداته حول العالم.
وكشفت الصحيفة في ثنايا تقريرها -وهي تشيد بالمنظمة التنصيرية- أن المنظمة وهي (المؤسسة الوحيدة في العالم التي تتصدى بفاعلية للصراع بين المسيحية والإسلام) تعمل بجيش يضم أكثر من مليون منصّر للحدّ من انتشار الإسلام في العالم وعلى تشويه صورة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ورابطة الرهبان وحدها كما يوضح التقرير موجودة في 40% من أراضي العالم المسيحي، ومعترف بها من 1081 أسقفية، ولإنجاح هذه الأهداف يتم تأمين مبالغ مالية ضخمة تصل إلى 500 مليون دولار سنويًّا.
وما يزال عدوان الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، من خلال كتابه، «آيات شيطانية-1988»، حيا في ذاكرة المسلمين جرحا لا يندمل، ومع ذلك فقد تلقى تكريما سنة 2008، حظي بموجبه من الملكة اليزابيت الثانية على لقب « فارس».
ثم تلته الرسوم الدانمركية التي نشرتها جريدة يولاند بوسطن، في 30 سبتمبر 2005ولم يكن حدثا معزولا، حيث لم تقدم حكومة الدانمارك على أي إجراء تجاه هذا العدوان ولم تقدم أي اعتذار، بل تضامن الشعب الدانماركي مع الجريدة، ونشرت وكالة رويترز نتائج استطلاع للرأي أجري في الدنمارك، كشف أن 79 في المائة من الدنماركيين يعتقدون أنه يتعين على رئيس الحكومة ألا يصدر اعتذاراً للمسلمين، فيما يؤكد 62 في المائة منهم، أنه يتعين على الصحيفة ألا تعتذر هي أيضاً!
واستمر التضامن الغربي مع الجريدة الدانماركية ومع رسامها الحقير، حيث أعادت عدة جرائد غربية بعد أقل من أسبوعين، هي الصحيفة النرويجية Magazinet والصحيفة الألمانية دي فيلت والصحيفة الفرنسية France Soir وصحف أخرى في أوروبا، نشر الصور الكاريكاتيرية المسيئة، بإصرار وهمة ونشاط عجيب، وقام السياسي الهولندي جيرت فيلدرز بنشر الصور في موقع حزبه مع تعليق؛ جاء فيه: “لدعم حرية التعبير عن الرأي” وهي المحاولات التي تكشف حقيقة الغرب الحاقد المعتدي، وتعري دعاواه باحترام الغير وحقوقه ومقدساته وغيرها من الشعارات التي خدعنا بها طويلا.
ثم كانت حادثة الفيلم التافه “براءة المسلمين”، والذي وفرت الولايات المتحدة الأمريكية أعلى درجات الحماية لصاحبه، واعتبرت عمله من حرية التعبير التي تكفلها وتدافع عنها. ثم مباشرة نشرت صحيفة شارلي أيبدو الأسبوعية الفرنسية بتاريخ 18/09/2012 رسوما أخرى مسيئة ساعات قليلة بعد إصدار محكمة فرنسية حكما بمنع نشر صور لدوقة كامبريدج، الأميرة المستقبلية في بريطانيا كيت ميدلتون، عارية الصدر، بدعوى الإساءة لها.
محطات من إساءات العلمانيين والحداثيين
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
إسهال الاستهزاء هذا، استمر وأزكمت رائحته الأنوف، ولم يقتصر على غير المسلمين؛ بل انتقلت عدواه إلى بعض المنبهرين بحضارة الغرب الذين يرددون كل ما يصدر عنه مثل ببغاوات غبية وقردة سخيفة من علمانيين وحداثيين.
حيث تبجحوا بألفاظ خطيرة تقشعر منها الأبدان، تحت مسمى الإبداع أو النقد وحرية الفكر، وأغلب العلمانيين لا يعظمون النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصلون عليه، وكتبهم ومقالاتهم شاهدة على التنقيص من شأنه، كأركون وعبد الوهاب المؤدب وحسن حنفي وهاشم صالح وعزيز العظمة وعلي حرب وطيب تيزيني وعبد الله العروي وغيرهم كثير.
ونذكر هنا بعضا من تطاول بني جلدتنا ممن يتسمون بأسمائنا، على حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فلقد أورد محمد قطب صورة معاصرة للاستهزاء بمحمد صلى الله عليه وسـلم فقال: “رسم صلاح جاهين -رسام الكريكاتير المعروف- صورة هزلية في جريدة الأهرام؛ رسم فيها رجلاً بدوياً -يرمز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- يركب حمارا في وضع مقلوب؛ أي: رأس الحمار في اتجاه ووجه الرجل في الاتجاه المضاد، رمزا للرجعية. وفي أرضية الصورة ديك وتسع دجاجات. وعنوان الرسم (محمد أفندي جوز التسعة) وهو هجوم سافر على شخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته التسع لم يسبق له مثيل في أية صحافة إسلامية على الإطلاق، بل لعل الصحف الصليبية لا تتـوقـح بهذه الوقاحـة”.
المجرم الحقير صلاح يوسف أكبر متخصص علماني في الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، له مقالات عدة في الموضوع، أنقل عبارة له من مقال له بعنوان: متى يتوقف صلاح يوسف عن نقد الإسلام، قال: “سأظل أكتب وأفكر بعمق في كيفية تفكيك عقيدة محمد الإرهابية من جذورها، وهي رسالتي التي لا أخفيها بل أعتز بها”. وله مقال بعد الفيلم المسيء بعنوان: هل الفيلم المسيء مسيء حقا؟
وهذا شويعر متطاول اسمه محمد جبر الحربي يقول وبئس ما يقول:
أرضنا البيد غارقة
طوف الليل أرجاءها
وكساها بعسجده الهاشمي
فدانت لعاداته معبدا.
وشويعرة أخرى مغربية هي حكيمة الشاوي ألقت قصيدتها المستهزئة بالرسول صلى الله عليه وسلم على أثير الإذاعة المغربية، ومما جاء في تلك القصيدة:
ملعون يا سيدتي من قال عنك
من ضلع أعوج خرجت
ملعون يا سيدتي من أسماك
علامة على الرضى بالصمت
ملعون منذ الخليقة من قال عنك:
عورة من صوتك إلى أخمص قدميك
ملعون من وأد الكلام فيك.
هذه عينة من محطات تاريخية عدة؛ تبين أن الاعتداءات والاستهزاءات برسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر متعمد ونهج متبع. لكنها اعتداءات واستهزاءات لا تشين إلا أصحابها ولا تسيء إلا إليهم، كمن يبصق على الشمس فلا تتجاوز البصقة وجهه لتعاود السقوط عليه في الحال.