لو ظَهرَ الدجّالُ إذن! عبد الرحيم أنكيس

 

لو ظهر الكذاب الدجال إذن لكان له القسط الأكبر والنصيب الأوفر!

لَكَان أتباعُه الأوائل: الدجالون والكذابون والأفَّاكون وكل شياطين البشر !

لو ظهر إذن لتصايح معه الناهقون والناعقون والغوغاء من البشر !

لو ظهر لَجَرَّ في قافلته أتباعا من الجاحدين والمعاندين للحق والمستكبرين من البشر!

لو ظهر لركب في عرباته وبكل فخر أولئك الحيارى والتائهون وكل عباد البقر والحجر وحتى البشر!

سيفتتن به أولئك الضالون والمضلون، والفتانون والمفتتنون في إيمانهم ودينهم، قال عليه الصلاة والسلام: “مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ مِنْهُ، ثَلَاثًا يَقُولُهَا؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ يَتَّبِعُهُ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ”[1].

سيقع في شِراكه وشباكه أولئك الذين تخلوا عن ذكره وتلاهوا عنه بالتعوذ من فتنته بين حين وحين، وفي كل ورد من الصلاة والقرآن. فقد كان عليه الصلاة والسلام يأمر بهذا ويقول: “إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ”[2]. ولاحظ كيف قارن الرسول الكريم بين فتنتين في الآخرة: عذاب القبر وعذاب وجهنم، وفتنتين في الدنيا: فتنة الحياة وفتنة المسيح الدجال، وكأن الذي فتنته الدنيا لا محالة واقع في فتنة المسيح الدجال، والله أعلم.

سينزلق وراءه أولئك الفساق والفجار، أولئك المتهتكون والمستهزئون بشرائع الله وفرائضه، وأولئك المنسلخون من ربقة الإسلام والإيمان، لن تَثْبُت لهم قدمٌ عند قُدومه ولن يستطيعوا أن يعملوا بوصية الرسول آنذاك: “يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا…” [3].

سينساقون في قيادته بكل سهولة ويسر، سيندهش به المنبهرون والمعجبون بحضارة الغرب، تلك الحضارة المزيفة والعمياء، فهو فتان وأعور! وتلك الحضارة عمياء وشوهاء !

كيف لا ينساق وراءه أولئك الحائرون والطائشون؟ وفتنتُه كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول وتحير الألباب.

كيف لا ينجر معه أولئك المشتتون في أذهانهم، والمتفرجون والمهلوسون بأفلام الرعب والخيال، ومسلسلات الغرام والعشق، والمباريات التي لا تنتهي..؟

كيف لا يصدقه أولئك المشعوذون والسحرة؟ وأولئك الوافدون عليهم ومصدقوهم؟ وحتى الراجمون بالغيب واللاهثون مع الأبراج والأفلاك؟ كيف لا يؤمن به من استفزه الشيطان وأجلبَ عليه بخيله ورجله وبصوته وغنائه يقظة ومناما؟ كيف لا يُعجب به من يتبع أخبار النجوم والمشاهير ويسهر على ذلك؟

أولئك هم المفتتنون قبل فتنته العظمى، والمنتكسون والمنهزمون قبل دجَله وخوارقه الكبرى، فقد ورد أن معه جنة وناراً، فجنته نار وناره جنة، وأن معه أنهارَ الماء وجبال الخبز، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث استدبرته الريح، إلى غير ذلك من الخوارق[4].

لو ظهر الدجال الأكبر إذن من ستكون له الحجة القاطعة ليثبت أمام فتنته؟ يقول عليه الصلاة والسلام: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ بَعْدِي فَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»[5].

وللنجاة من فتنته يوصي العلماء بطرق منها:

  • الأمر الأول: كثرة ذكره والتحذير منه في المنابر، وهذه سنة الأنبياء من قبلُ سنها نوح عليه السلام، وتبعه الأنبياء من بعده يحذرون أممهم من هذا الكذاب الدجال.
  • الأمر الثاني: الاستعاذة بالله منه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وأوصى أمته أن يستعيذوا بالله من أربع كما مر آنفا.
  • الأمر الثالث: حفظ أو قراءة فواتح وخواتيم سورة الكهف، كما جاء في مجموعة من الأحاديث النبوية، منها: فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بِنْ سَمْعَانَ رضي الله عنه: “فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ”[6]، وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ[7]“.
  • الأمر الرابع: الفِرار من الدجَّال، والابتعاد عنْه، وذلِك لما معَه من الشبهات، والخوارق العظيمة، التي قد يفتَتِن بها المرْء، والأفضل سكنى مكة والمدينة، فإِنه لا يدخلها.

فاللهم ثبتنا يا رب على إيماننا ونجنا من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال.

———————————————-

[1]رواه أحمد  19875 وأبو داود 4319

[2] رواه مسلم 128 وأحمد 10180.

[3]رواه مسلم 110، وابن ماجه 4077.

[4] ينظر في الأحاديث أحمد 23684 ابن ماجه بتحقيق الأرنؤوط 4075.

[5]رواه ابن ماجه 4075  مسلم 110.

[6] رواه مسلم 110، وأبي داود 4321.

[7] رواه أحمد 21712، ومسلم 257 وغيرهما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *