كشفت نتائج دراسة ميدانية حول ظاهرة الاستغلال الجنسي للقاصرات قدمها منتدى الزهراء للمرأة المغربية عن أرقام صادمة ومفزعة تؤكد الخطر الذي يتهدد هذه الفئة العمرية، مع بيان وتوضيح الأسباب الكامنة وراء ارتفاع حجم هذه الظاهرة، والدوافع التي جعلت الكثير من القاصرات ينغمسن في مستنقع الجنس الحرام، والدراسة انكبت على عينة يبلغ عددها 419 حالة استغلال و200 حالة ضابطة..
صدَّر معدو الدراسة ملخص النتائج بالحديث عن دور الأسرة في انحراف بناتها؛ وذلك لأهمية توفير الرعاية الأسرية السليمة والملائمة لاحتياجات الأطفال، والتي من شأنها تحصينهم ضد مختلف أشكال الانحرافات.
حيث أوضحت الدراسة أن نسبة الأمية مرتفعة لدى الآباء والأمهات معا، ويشكل عدد الأمهات الأميات ضعف عدد الآباء (53,7% من الأمهات مقابل %27,9 من الآباء)، كما أن هناك أزمة اهتمام أبوي بمستقبل الفتيات، إذ أن نسبة 69,4% من القاصرات اعتبرن أن أسرهن لا يعرن اهتماما لمستقبلهن، وأبانت نسبة هامة منهن أيضا عن افتقادهن للحب والحنان داخل أسرهن (55,8%).
وبالنسبة للسلطة الأبوية داخل البيت تبين أن نسبة مهمة تصل إلى 67,3% من الآباء لا تستطيع فرض القوانين والضوابط داخل البيت، كما أن غالبية القاصرات المستغلات جنسيا جئن من وضعيات أسرية مضطربة وغير مستقرة تتسم بغياب لأحد الأبوين (تفكك أسري – هجر- وفاة أحد الأبوين..) بنسبة تصل إلى 55%.
وتحتل القيم المادية الصدارة بالنسبة لأسر القاصرات المستغلات جنسيا، حيث أكدت نسبة 37,2% أن قيمة القيم بالنسبة لعائلتهم هي المال، ونسبة 27,4% تعتبرها أولوية بدرجة كبيرة.
كما أكدت معطيات البحث الميداني أن هناك نسبة مهمة من الفتيات القاصرات اللائي فكرن في مساعدة العائلة (58,7%) منهن 39,1% بشكل دائم و 19,6% في غالب الأحيان، كما أن شعور زهاء 39,6% من القاصرات بأنهن عالة على أسرهن.. كلها عوامل تفسر أن ولوج عالم الشغل بالنسبة للفتيات كان في الغالب بمحض إرادتهن (60%)؛ مقابل فقط نسبة 38,2% من القاصرات اللائي تعرضن للإجبار من طرف العائلة لولوج عالم الشغل.
وأكدت 50,4% من القاصرات أن الحاجة المادية هي التي تدفع بالفتاة إلى القبول بوضعية الاستغلال الجنسي، ونسبة 19% يتفقن إلى حد ما مع هذا الرأي، مما يفسر إلى حد كبير طغيان القيم المادية داخل الفضاء الأسري لهؤلاء.
وأظهرت نتائج البحث الميداني أن نسبة الفتيات القاصرات اللواتي انقطعن عن الدراسة أو لم يلجن إطلاقا باب المدرسة بحسب نتائج البحث الميداني تبلغ 76,8%، منهن 14,3% ممن لم يسبق لهن الالتحاق بالمدرسة من قبل، وهي نسبة جد مرتفعة تعكس الهدر الكبير الذي تعيشه هذه الفئة من الأطفال.
كما أن هناك نسبة مهمة من القاصرات المستغلات جنسيا (53,8%) اللائي لا يشاركن أبدا في الأنشطة الدراسية المختلفة، كما أن المواظبة على الدروس لم تتجاوز نسبة 53,5% من مجموع أفراد العينة. وتشكل نسبة 23,3% من القاصرات اللائي غادرن المدرسة لأسباب ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالاعتداء أو التحرش الجنسي..
وهو ما يظهر أن الوسط المدرسي غير المنضبط أخلاقيا من عوامل هذه الظاهرة، فقد أثبتت الدراسة أن أغلب الفتيات القاصرات كانت لهن علاقات حميمة مع أصدقاء من الجنسين بنسبة تصل إلى 67,1%، في مقابل فقط نسبة 27,7% من اللواتي لم تتوافر لهن هذه العلاقات. ومما قد يفسر أن قرابة نصف العينة (%49,6) ممن اعتبرن أن العلاقات مع أصدقائهن هي سبب أساسي في وضعيتهن الحالية.
وحسب معطيات الدراسة فسن 14 سنة يتصدر باقي السنوات الأخرى بالنسبة لعمر القاصر عند استغلالها جنسيا لأول مرة (نسبة 16%)، تليها الأعمار التالية: 15 و16 سنة بنسبة 12,2% و11,7% على التوالي، ثم 12 و13 سنة بنسبة 10,7 %و10,0% على التوالي أيضا.
ويلاحظ من خلال المعطيات المحصل عليها أن الفئة العمرية التي طالها الاستغلال أكثر هي فئة السن 11-16 سنة إذ تشكل لوحدها ما يقارب 70% من مجموع أفراد العينة.
كما تشير معطيات البحث الميداني أن غالبية الفتيات القاصرات المستغلات جنسيا (42,7%) يتعاطين للمخدرات بكل أنواعها من حشيش، و(الغبرة) بكل أشكالها…، 36% يتعاطين للكحول، و21,3% للحبوب المهلوسة.
بالعودة إلى المعطيات يتبين أن مجال الاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات يتمركز أكثر في الشارع بنسبة تصل إلى 44,9%، ثم مجال العمل بنسبة 20,5%، فمجال العائلة بما يقارب 15%، وأخيرا المجال المدرسي بنسبة تصل إلى 10,3%، مما قد يفسر هذا الخوف المتنامي من فضاءات الشارع عموما الذي لم يعد آمنا على الإطلاق لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأطفال (الفتيات تحديدا).
على مستوى صورة الذات والتوافق النفسي لدى القاصرات يمكننا القول إن الفتيات المستغلات جنسيا أقل توافق نفسي من الفتيات العاديات، وبالتالي أقل قدرة على الاندماج بشكل إيجابي في المجتمع.