الحملة الوطنية “لننعم جميعا بالدفء” في محطتها الثانية بجبال الأطلس الكبير إبراهيم بيدون

على علو 1600 متر من سطح البحر وبالضبط في جماعة ستي فاطمة (أوريكا)؛ يوجد دوار تيزي نوشك، هذا الدوار استوت بناياته على مساحة منبسطة متواضعة؛ تحيط به من كل جانب قمم الجبال الشاهقة التي تفخر بحلتها البيضاء في هاته الشهور من السنة، ففي الجهة القبلية يوجد جبل ياغور البالغ علوه 2727 مترا، وفي الجهة الجنوبية تظهر قمة جبل ملتسن البالغ علوه 3600 متر، وبجواره جبل توكردنادن الشامخ البالغ علوه 3800 مترا، في سلسلة جبلية صغيرة تسمى سلسلة أدرارندرن، وأما في الجهة الغربية فتظهر عدة مرتفعات وقد فاقها علوا جبل أوكيمدن البالغ علوه 3200 متر..

الحملة الوطنية لننعم جميعا بالدفء
فبعد المحطة الأولى من “الحملة الوطنية لننعم جميعا بالدفء” والتي استهدفت منطقة إتزر التابعة لإقليم ميدلت بتاريخ 16 دجنبر 2012م، قام شبيبة دور القرآن بتنسيق إعلاني مع صفحة حملة الشباب المغربي لمحاربة الفساد الأخلاقي وبتنسيق قانوني مع جمعية “تيزي نوشك للتنمية”، بحملة إعانة جديدة استهدفت هذه المرة ساكنة دوار تيزي نوشك، وساكنة دواوير: أنمر، آيت مركن، أكرد، تاكنيت، إزحان.
وقد تمكن -بحمد الله تعالى- القائمون على الحملة من توفير مساعدات هامة؛ شملت بشكل كبير المواد الغذائية التي بلغت 7 أطنان؛ والأغطية والأفرشة والملابس التي بلغت 12 طنا، واصطحبت القافلة كعادتها كميات من الحلويات استفاد منها أكثر من 500 طفل من الدواوير الستة..
وباعتباري أحد المشاركين في الحملة (وموفد جريدة السبيل)، فسأحكي بعض تفاصيل المحطة الثانية من “الحملة الوطنية لننعم جميعا بالدفء” كما عشتها:
قضينا صبيحة الجمعة 25 يناير في تحميل المساعدات على متن شاحنتين، ومباشرة بعد صلاة العصر تم الانطلاق بالاتفاق مع كل المشاركين الذين ينحدرون من مجموعة من مدن المملكة على أساس الالتقاء في مدينة مراكش مساء، وهناك تم تجمع المشاركين الذين قارب عددهم 40 مشاركا.
وفي صبيحة يوم السبت انطلقنا متوجهين صوب الدواوير المستهدفة؛ تصحبنا شاحنات المساعدات وقافلة من السيارات تشق بدايات سلسلة جبال الأطلس الكبير مرورا بمنتجع أوريكا وصولا إلى محطة ستي فاطمة، بعد أزيد من 70 كيلو مترا.
هناك وجدنا في استقبالنا أعضاء جمعية “تيزي نوشك”؛ وقد أعدوا شاحنة خاصة وسيارة “بيكوب” إضافة إلى 50 بغلا؛ تستطيع عبور الطريق الوعرة والمنعرجات الخطيرة التي تم حفرها في حواشي الجبال شاهقة.
وبمساعدة شباب الحملة وأعضاء جمعية “تيزي نوشك” تم تحميل المساعدات والإعانات على البغال والسيارة والشاحنة؛ وبقيت كميات مهمة تم نقلها من طرف أعضاء الجمعية في مرحلة ثانية، ثم خضنا تجربة صعود الجبال مع الإحساس بنقص درجة الحرارة كلما ازداد الارتفاع، وبعد قرابة ساعتين بدا لنا دوار “تيزي نوشك” حيث نصبت خيمة كبيرة بمدخله، جعلها القيمون مكانا مخصصا لإيداع المساعدات وترتيبها..
وبعد تناول وجبة الغداء وأخذ قسط من الراحة في نزل أعد للضيوف والسياح بالدوار، عدنا للخيمة وأتممنا العمليات الأخيرة من ترتيب الأفرشة والأغطية والملابس، وإعداد أكياس المئونة التي تنوعت بين طحين وشاي وسكر وزيت وقطاني ومواد تنظيف..
وفي صبيحة يوم الأحد اجتمعت قرابة 300 أسرة بين رجل وامرأة وأزيد من 500 طفل، فقام أعضاء الجمعية بترتيب تلك الجموع بطريقة جيدة، ثم انطلقت عملية التوزيع، فبدأت مظاهر البهجة والفرح والسرور تعلو وجوه المستفيدين وهم يدعون بعبارات عفوية بالخير والبركة.
وأفاد محمد الكيحل أحد المسؤولين الإعلاميين للحملة: “أن أكثر ما يميز المستفيدين: الحياء الذي لا زال يستقر في قلوب أهالي الجبال؛ إلى جانب تنظيمهم الرائع، وقد فرح الكل بما جادت به نفوس إخوانهم المغاربة، وتنوعت تعابير شكرهم التي تُظهر طيبتهم ونقاء فطرتهم.
كما أن المستفيدين من الحملة هم فقراء ومحتاجون، لأن اقتصاد المنطقة يقوم بالأساس على بعض الصناعات التقليدية التي بدأت تندثر مع تطور المنافسة الصناعية والتجارية”.
وأما الأطفال الذين تظهر عليهم آثار شدة البرد القارس، فقد تجاوبوا وبشكل كبير مع ما قدم لهم من هدايا؛ شملت مجموعة من الألبسة الساخنة وأغطية الرأس والجوارب؛ إضافة إلى كيس حلوى لكل طفل.
يقول إدريس العشبي مهندس الدولة تخصص المعلوميات الجغرافية وأحد المشاركين في الحملة بخصوص هذه الفئة المستفيدة: “جل الأطفال المستفيدين تغمرهم البراءة والصدق، وتجاوبهم الكبير مع الحملة؛ فرغم الازدحام فقد احترموا التنظيم؛ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ذكاء فطري يساعدهم على تجاوز واقعهم الصعب؛ الذي يعانون فيه غياب المرافق..”.
وقبيل صلاة العصر انتهت عملية التوزيع، وشكر أهل المنطقة القيمين على الحملة ونوهوا بنجاحها، وأشاد رئيس الجمعية المستضيفة بالحملة التي اعتبرها أكبر قافلة مساعدات تزور المنطقة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *