ذكر رفيقي أن موقف الصحابة كان سيئا من عثمان رضي الله عنه، وأول مؤلب على عثمان وأول ناقم عليه هم الصحابة وكبار الصحابة، ولهذا لم يحمه الصحابة يوم قتله. لأنهم كانوا ناقمين عليه وكان عندهم موقف سيء من عثمان.
(باحو): وهذا باطل عن الصحابة وخرق للإجماع. وقد حكى الإجماع على صحة إمامته أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف (76) وغيره. وروى البخاري (6/6781) أن الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون بايعوا عثمان بن عفان على الخلافة.
فهل بايعوه جميعا وهم ناقمون عليه؟
ثم جمهور العلماء على تفضيل عثمان على علي.
قال الإمام الحافظ المتفق على جلالته أبو الحسن الدارقطني: اختلف قوم من أهل بغداد، فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: علي أفضل. فتحاكموا إلي، فأمسكت، وقلت: الإمساك خير. ثم لم أر لِدِيني السكوت، وقلت للذي استفتاني: ارجع إليهم، وقل لهم: أبو الحسن يقول: عثمان أفضل من علي باتفاق جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا قول أهل السنة، وهو أول عقد يحل في الرفض. نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (16/ 457) وقال معلقا عن تفضيل علي على عثمان:
قلت: ليس تفضيل علي برفض، ولا هو ببدعة، بل قد ذهب إليه خلق من الصحابة والتابعين، فكل من عثمان وعلي ذو فضل وسابقة وجهاد، وهما متقاربان في العلم والجلالة، ولعلهما في الآخرة متساويان في الدرجة، وهما من سادة الشهداء رضي الله عنهما، ولكن جمهور الأمة على ترجيح عثمان على الإمام علي، وإليه نذهب. والخطب في ذلك يسير، والأفضل منهما -بلا شك- أبو بكر وعمر، من خالف في ذا فهو شيعي جلد، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحة إمامتهما فهو رافضي مقيت، ومن سبهما واعتقد أنهما ليسا بإمامي هدى فهو من غلاة الرافضة أبعدهم الله.
وأكد رفيقي على أن الذين بغوا على علي رضي الله عنه في صفين ليسوا مجتهدين متأولين!!!! وذكر أن ما ادعاه أهل السنة كابن تيمية والذهبي والنووي وابن حجر وابن كثير أنه يكتب لهم أجر واحد لا يصح.
(باحو): وماذا كانوا يا ترى؟ ضالين مضلين؟ واحتجاجك بحديث عمار “ويح عمار تقتله الفئة الباغية” لا يفيدك لأن البغي قد يكون عن اجتهاد خاطئ فيأجر صاحبه على ذلك أجرا واحدا.
وقد بيّن هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/542) وبيّنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مواطن من الفتاوى ومنهاج السنة. وقال النووي في شرح مسلم (18/40): قال العلماء: هذا الحديث حجة ظاهرة فى أن عليا رضي الله عنه كان محقا مصيبا والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك.
وتقدم قول القرطبي الذي نقله ابن حجر في فتح الباري (1/63): وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم بغض فذاك من غير هذه الجهة بل للأمر الطارئ الذي اقتضى المخالفة ولذلك لم يحكم بعضهم على بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد.
وأما احتجاجك بحديث “قاتل عمار وسالبه في النار”. ففي نفس الحديث: فقيل لعمرو (أي: ابن العاص): فإنك هو ذا تقاتله؟ قال: إنما قال: قاتله وسالبه. رواه أحمد (4/198) بسند جيد. يشير إلى أن المراد قاتله المباشر.
وعمرو بن العاص هو راوي الحديث فهو أدرى بما روى. كما تعلمتَ في الجامعة الإسلامية. ثم حمله على هذا الوجه -إن ثبت ضعفه- هو اجتهاد يثبت معه الأجر الواحد. والاحتمال ولو كان ضعيفا أولى من تضليل الصحابة، فكيف إن كان الاحتمال قويا؟ فكيف وقد جاء مصرحا به في نفس الحديث؟
وأنا أتعجب ما هذا الحرص الشديد على تضليلهم وإخراجهم من دائرة الخطأ!!!