النقيب عبد الرحمن بن عمرو محام وناشط حقوقي

القاضي لا يمكنه أن يحكم بنزاهة وبعدالة إذا لم يفهم الوثيقة التي تعتبر حجة مؤيدة لادعاءات الطرف، لا يمكن أن يحكم بالعدالة وهو لا يفهمها فهما جيدا بالخصوص إذا كانت هذه الوثيقة محررة بلغة أجنبية

ما هي انعكاسات عدم استعمال اللغة العربية على القضاء والعدالة؟
على المستوى القضائي: كثيرا ما يقبل القضاء وثيقة محررة بلغة أجنبية في الغالب تكون باللغة الفرنسية مع أنه ليس من المؤكد أن جميع القضاة أو القاضي الذي يحكم يكون مدركا تمام الإدراك وعارفا معرفة جيدة باللغة التي حررت بها هذه الوثائق.
ومن المعلوم أن القاضي لا يمكنه أن يحكم بنزاهة وبعدالة إذا لم يفهم الوثيقة التي تعتبر حجة مؤيدة لادعاءات الطرف، لا يمكن أن يحكم بالعدالة وهو لا يفهمها فهما جيدا بالخصوص إذا كانت هذه الوثيقة محررة بلغة أجنبية أو موضوعها مسائل فقهية مثل الشواهد الطبية التي تكون محررة بلغة أجنبية أو تقارير تتعلق بموضوع الهندسة أو الفلاحة أو بالزراعة إذن مشكلة اللغة الأجنبية لها أثر معاكس لمقتضيات القانون وتؤدي إلى عدم العدالة وعدم الإنصاف هذا من الناحية القانونية بغض النظر عن مسألة الهوية واللغة العربية.
ثم ما العمل إذا قدمت وثيقة بالإيطالية أو اليابانية أو الصينية أو الكورية؟
فهل يعقل أن يقبل القضاء أو أي إدارة وثيقة مقدمة باللغة الفرنسية ولا يقبل أي وثيقة مقدمة بلغة أخرى؟
إن ذلك ضد مبدأ المساواة والتعامل على قدم المساواة مع مختلف الدول واللغات.
من جهة أخرى هناك عدة توجهات فيما يخص الوثائق المقدمة باللغة الفرنسية، حيث يوجد اجتهاد أخير للمجلس الأعلى قال فيه: على القضاء أن يرفض الوثائق المقدمة إليه بلغة أجنبية أو أن يأمر بترجمتها إلى العربية.
هذا موقف جيد ولكن في فرص أخرى تقول بأن للقاضي الحق لكي يأمر بالترجمة أو ألا يأمر بها إذا فهمها وكيف لنا أن نعرف هل فهمها أم لا، والملف ليس بيد القاضي بل هو بيد الأطراف والعموم الذين يحضرون في الجلسات وعلى القاضي أن يكون حياديا سواء كان يعرف الفرنسية أو الإنجليزية ومن يضمن لنا؛ أو أن يكونوا ثلاثة قضاة أحدهم يعرف والآخر لا يعرف؛ والقاضي ليس مترجما فالترجمة تخضع إلى إجراءات معينة ويجب أن يقوم بها ترجمان محلف ويخضع إلى مراقبات شكلية لوجود قانون ينظم الترجمة فكنا نرجو أن يقوم القضاء بمهمته في حماية القانون.

هل تقومون بأي خطوات لتصحيح هذا الوضع؟
أنا شخصيا لا زلت متوقفا وهناك بعض الجمعيات التي تهتم باللغة العربية وحمايتها توجد جمعية برعاية موسى الشامي فهو رجل مخلص؛ وبالنسبة لي كلما أتتني وثائق باللغة الفرنسية أرفضها لأن في المحكمة الإدارية كل الملفات باللغة الفرنسية، كأنك تسكب الماء في الرمل أتعب من متابعة الأمر وفي الأخير يبدأ موكلونا بالأمر بالترجمة.
وترجمة كل صفحة مائتا درهم وهذا جزء من المحاربة الإدارة لا زالت تقرر بالفرنسية، وهذه القرارات في بعض الأحيان تمر إلى المحاكم الوقت الذي تأمر فيه بترجمتها يقولون لك ترجمها أنت فتحتاج إلى مائتي درهم للصفحة، وبعض الأحيان تجد قضية فيها عشرون وثيقة كلها بالفرنسية كم تستطيع أن تترجم من صفحة؟؟
وأطراف المنازعة يقولون أتركها مثل ما كانت لا أريد ترجمتها والقاضي إذا لم تلح عليه بترجمة الوثائق لا يأمر بترجمها أبدا فتخلق إشكالات تتعلق بالمصاريف والتحملات القضائية وقضية عدم العدالة في الأطراف.
وبالنسبة لي لا زالت أطرح المسألة على القضاء فأحيانا يستجيب القضاء للترجمة وأحيانا لا يستجيب، مثلا منذ أشهر تقررت إجراء خبرة طبية فإذا هذا الطبيب أنجز تقريره باللغة الفرنسية، طلبت من المحكمة أن تأمره إما بتحريره باللغة العربية أو بترجمته، فلم تستمع لي المحكمة، وطلبت من القاضي بالتشطيب على هذا الطبيب، لأنه لم يحترم اللغة، ولكن مع الأسف المحكمة الإدارية بالرباط رفضت، فإذن هناك مشكلة كبيرة، لها انعكاساتها الخطيرة على الأطراف وعلى القانون وعلى الدستور وعلى الهوية الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *