هيئات ومنظمات تعلن رفضها الكامل لوثيقة التنمية المستدامة 2030

عقب إصدار الجمعية العمومية للأمم المتحدة وثيقة التنمية المستدامة:2030 والتي مثلت تحدٍ كبير وخطير يواجه الأسرة والمجتمع عالميا وإسلامياً وعربياً، أصدرت أكثر من 220 من هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية بياناً، أوضحت فيه رفضها الكامل للوثيقة.
ومن أهم القضايا التي تتحفظ عليها هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية في الأجندة الجديدة:

– الإصرار على إتاحة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للجميع على مستوى عالمي، (دون اشتراط لعمر أو الحالة زواجية)، شاملة تخطيط الحمل Family planning، والمعلومات information، والتعليمEducation ، وإدماج الصحة الإنجابية في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية، ووفقا لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان ومنهاج عمل بيجين والوثائق الختامية لمؤتمرات استعراض الانجاز والمتابعة لكل منهما.
وبالتالي يحصل غير المتزوجين والأطفال والمراهقون على كل المعلومات والخدمات اللازمة لمنع الحمل! وهو ما يعد ضوءاً أخضراً لممارسة الزنا، خاصة مع التمسك بما جاء في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان الذي نص على: “أن المراهقات اللاتي يحملن يحتجن إلى دعم خاص من أسرهن ومجتمعهن المحلي خلال فترة الحمل ورعاية الطفولة المبكرة. ويجب أن يشترك المراهقون اشتراكا كاملا في تخطيط وتنفيذ وتقييم هذه المعلومات والخدمات، مع المراعاة الواجبة لتوجيه الأبوين ومسئولياتهما!
وتشجيع تقرير الأمين العام الدول التي تعمل على: “توفير التثقيف الجنسي الشامل لمعالجة ظاهرة العنف ضد البنات في المدارس، كأن يعرفن ما هي العلاقات الرضائية (أي الزنا برضى الطرفين)، وكيف تكون العلاقات قائمة على الاحترام والمساواة”!
ولم يتوقف الأمر عند تعليم وسائل منع الحمل، بل تجاوزها إلى إباحة الإجهاض، فقد استنكر تقرير المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان المعنون (وثيقة القاهرة للسكان ما بعد 2014) الذي عقد في هولندا- يوليو 2013: “وجود قوانين جنائية ضد الحقوق الجنسية والإنجابية، بما في ذلك القوانين التي تجرم العلاقات الجنسية المثلية الرضائية، والزنا، والعمل في مجال الجنس، والمهاجرين غير الشرعيين، والناس الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية، والوصول إلى المعلومات حول الحياة الجنسية، والحصول على خدمات الإجهاض الآمن”.
كما شدد المؤتمر على ضرورة ضمان حصول الناس على أوسع نطاق ممكن على وسائل منع الحمل، بما في ذلك وسائل منع الحمل في حالات الطوارئ، فضلا عن خدمات الإجهاض الآمن. وتم التأكيد على ضرورة تزويد المراهقين والشباب بالتعليم الجنسي الشامل.
وفي حين تعتبر تلك الوثائق تقييد الحريات الجنسية للجميع انتهاكا لحقوق الإنسان، تغض الطرف أمام الانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها المرأة والفتاة المسلمة في كثير من أنحاء العالم، مثل: سوريا، وفلسطين، والعراق، وبورما، ومصر، وأفريقيا الوسطى وغيرها، من قتل، وحرق، واغتصاب ممنهج، وتعذيب، واعتقالات تعسفية.

– إقرار حقوق الشواذ جنسيا من خلال الإلحاح على مساواة (النوع) الجندر Gender Equality، وإقحامها ضمن منظومة حقوق الإنسان العالمية، وربط مساواة الجندر بشكل مباشر بتحقيق التنمية المستدامة:
وتظهر تقارير الأمين العام الدعم المتواصل من الأمم المتحدة لحقوق الشواذ، والإصرار على إزاحة كل العقبات التي تعترض تلك الحقوق، وأحدثها ذلك المعنون: “الطريق إلى العيش بكرامة بحلول عام 2030: القضاء على الفقر وتغيير حياة الجميع وحماية كوكب الأرض”، والذي نص على: “يجب تأمين وجود بيئة مواتية في ظل سيادة القانون من أجل المشاركة الحرة النشطة والمجدية للمجتمع المدني والقائمين بالدعوة الذين يعبرون عن أصوات النساء والأقليات، وجماعات المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية”.
ويتكرر دعم الأمين العام للشذوذ والشواذ في عدة تقارير وعدة مناسبات.
ويشير إدماج مساواة الجندر في الأجندة الجديدة عبر مسارات عدة، إضافة إلى تخصيص هدف كامل من أهداف التنمية المستدامة (الهدف 5)، إلى أن قضية مساواة النوع وما يستتبعها من إقرار الشذوذ وحقوق الشواذ، هي قضية جوهرية مستهدَف حسمُها عالميا من خلال الأجندة الجديدة. وهو ما يتم التأكيد عليه تحت عنوان “الأجندة الجديدة”The New Agenda من أن: “التعميم الممنهج للمنظور الجندري في تطبيق الأجندة الجديدة أمر بالغ الأهمية”.
وقد سبق انعقاد الجلسة الخاصة للجمعية العمومية، وبشكل متزامن، عدة مسيرات وفعاليات قام بها الشواذ وغطتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم، لتوصيل رسالة واضحة بأن الشذوذ الجنسي أصبح أمرا واقعا، وطبيعيا، وللشواذ الحق في اختيار هوياتهم الجندرية وتوجهاتهم الجنسية، وفي حماية القانون الدولي، وضمن منظومة حقوق الانسان العالمية.
وفي المقابل نصت الأجندة الجديدة على ضرورة القضاء على الزواج في نفس المرحلة العمرية التي طالبت فيها بإباحة الزنا والشذوذ بل واعتبارهما ضمن حقوق الإنسان. وقد نصت على 3 أنواع من الزواج: زواج الأطفال، والزواج المبكر، والزواج القسري. فإذا اعتبر القانون الدولي الطفولة تنتهي ببلوغ الـ 18، يكون المقصود بالزواج المبكر ما بعد الـ 18 عاما! فما هي المصلحة التي يجنيها المجتمع من إباحة الزنا والشذوذ للمراهقين والشباب، ومنع الزواج في نفس تلك العمر؟

– المطالبة بتغيير منظومة القوانين التي تحكم الأسرة بدعوى انها “قوانين تمييزية” لتطبيق مبدأ التساوي التام:
كفل الإسلام للمرأة المساواة في كل مجالات الحياة، وفي نفس الوقت حافظ على التمايز بينها وبين الرجل فيما يخص المسئوليات والحقوق داخل الأسرة، لضمان حدوث التكامل بينهما والذي يقوي بنيان الأسرة ويدعم دورها في بناء مجتمع قوي صحيح معافى.
في حين تطالب الأجندة الجديدة بتجاوز كل الخصوصيات، وتطبيق التساوي التام، ومن ثم تغيير القوانين التي تحترم تلك الخصوصيات، بدعوى أنها “قوانين تمييزية”. وتتحفظ هيئات العلماء والمنظمات الإسلامية على كل ما من شأنه المساس بكيان الأسرة وتماسكها. إذ تعني المطالبة بتغيير ما أطلقت عليه الأجندة “القوانين التمييزية” ما يلي:
التساوي في أحكام الزواج والطلاق.
إلغاء الولاية، وإلغاء القوامة واستبدالها بالشراكة والتناصف التام في كل المسئوليات الأسرية.
التساوي في الإرث، وقد أدرجته الأجندة ضمن مطالباتها بالتساوي في الأهداف: (1.4) و(a) من أهداف التنمية المستدامة SDGs . كما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة في عدة تقارير.
مساواة الأنواع GenderEquality تعني أن يتساوى كل الأنواع (أسوياء وشواذ) في الحقوق والواجبات، فكما ترث الزوجة زوجها يحق للشاذ أن يرث شريكه، وكذلك أبناؤهما بالتبني، ويحصلوا على كافة الضمانات الاجتماعية التي يحصل عليها الأزواج الطبيعيون الأسوياء…الخ.

– الإلزامية الدولية لتطبيق الأجندة الجديدة بحلول عام 2030
وقد تكررت الإشارة إلى تلك الإلزامية في مواقع عدة، سواء في الأجندة، أو في تقارير المتابعة والمراجعة التي استندت إليها. وهو ما أكده تقرير مؤتمر (برنامج القاهرة للسكان مابعد 2014) السابق الإشارة إليه: “وأكد المؤتمر أن الحقوق المتصلة بالحياة الجنسية والإنجاب هي حقوق الإنسان العالمية، والتي يحق لجميع الناس بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو أي وضع آخر. أن جميع الدول لديها التزامات لضمان هذه الحقوق”.
وقد تكرر التأكيد في الأجندة الجديدة أنه “سيتم تنفيذها على نحو يتسق مع حقوق والتزامات الدول بموجب القانون الدولي”، و”ستحكم كل قراراتنا لمدة الـ15 عاما القادمة، وهو يتناقض مع ما نصت عليه الأجندة في البنود (10، 30، 38) على أنها محكومة بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي لم يعط الحق “للأمم المتحدة أن تتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما”.
وفي نفس الفقرة التي نصت فيها الأجندة على “احترام السياسات والألويات الوطنية”، تم النص أيضا على أن “أهداف التنمية المستدامة متكاملة وغير قابلة للتجزئة، وذات طابع عالمي..” أي أنه لا يجب التحفظ على أي هدف من تلك الأهداف، حتى وإن كان يتعارض مع القيم والأخلاق الأساسية التي بدونها تنهار الأمم! وهو ما يجعل “احترام السياسات والأولويات الوطنية” مشروط بتحقيق الأهداف الإنمائية كاملة غير منقوصة.
وبالمثل، ما نص عليه الهدف (16.10) من أهداف التنمية المستدامة من: “حماية الحريات الأساسية وفقا للتشريعات الوطنية، والاتفاقيات الدولية” يتناقض مع بعضه البعض، فالحريات الأساسية كلمة شديدة المطاطية، وتشمل وفقا للأجندة الجديدة وما استندت إليها من تقارير ووثائق: الحريات الجنسية، وحرية اختيار “الهوية الجندرية” و”التوجه الجنسي”، وهي أمور تتصادم في كثير من الدول مع تشريعاتها الوطنية!
وفي ظل ذلك التناقض الشديد، يستحيل الجمع بين “الحريات الأساسية” من المنظور الدولي، و”التشريعات الوطنية” في إطار واحد إلا إذا توحدا وتوافقا. فهل ستغير الدول المحافظة قوانينها الوطنية لتتفق مع المواثيق الدولية؛ أم ستقرر هيئة الأمم المتحدة أن تحترم التنوع القيمي والثقافي لشعوب الأرض، وتترك للحكومات والشعوب حرية صياغة قوانينها الوطنية؟

أمام تلك المعطيات، فإننا نؤكد على ما يلي:
أولاً: مطالبة منظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها باحترام إرادة الشعوب والمنظومات القيمية والأخلاقية التي تستند إليها، والتي من شأنها الحفاظ الفعلي على الأمن والسلام الدوليين.
ثانياً: دعوة الدول الإسلامية إلى اتخاذ موقف موحد وحاسم إزاء الوثائق الدولية المتعلقة بالسكان والمرأة والطفل، ورفض كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية الغراء في الوثيقة المعنونة “تحويل عالمنا: أجندة 2030 للتنمية المستدامة” أو أية وثائق لاحقة تطرح للنقاش أو التوقيع.
ثالثا: تعزيز موقف الحكومات في التمسك بالتحفظات حفاظا على الهوية الإسلامية، والسيادة الوطنية.
رابعاً: مطالبة منظمة الأمم المتحدة باتخاذ خطوات جادة وعملية؛ لرفع العنف الحقيقي عن النساء والفتيات في كل المناطق التي يتعرضن فيها للقتل، والحرق، والاعتقال، والتعذيب، والاغتصاب الممنهج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *