عندما يصير العلماء في عين الدياثة وصمة عار عبد المغيث موحد

قلناها سابقا وربما احتجنا أن نكررها دون أن يتمنى سامعها منا أن نسكت أو أن نقلع عن حبرها، تلك هي حقيقة أن نفوس بعض الناس نفسها طويل في النهل من البراز الفكري والتغوط المعرفي، بل الأدهى أن تجد هذه النفوس وهي تمارس عملية هذا النهل تمارسها بكل إصرار واستبشار وافتخار.
وهي نفوس كنا قبل الإيغال في التحقق من سلوكها ننعتها بالنفوس الذبابية؛ لكن مع ذلك الإيغال احتاج منا الأمر أن نستدرك حتى نجعل الأمر في سياقه الطبيعي قائلين أن الذباب قد يأتي عليه يوم يتبرم فيه من صنعة الوقوع على المقذور؛ فنجده قد حقق غمس جناحيه في كوب من ماء أو حليب أو عسل، لكن وبالمقابل نجد تلك النفوس لا تمل ولا تكل وهي تمارس نهلها القادح في سوي الفطرة واستقامة الصبغة.
عجيب أمر هذه النفوس وغريب فعلها وهي تخاصم الطهر والمروءة والعفاف؛ بل وتطارد الفضيلة بكل عنف وجفوة، وتتبنى قضية الانتصار لكل رذيلة ومروق ودياثة، وهي في ممارستها القذرة هذه قد يسمح لها تخصصها السادي في التغريد والمناورة خارج حدود الوطن، لتتبنى قضاياها النوعية ضاربة بقواعد الاطراد الذي تتشدق به وهي تواجه خصومها من الظلاميين المتطرفين على حد زعمها الخاسئ، وذلك كلما تجاوزت أقلامهم أو أقدامهم أو أفمامهم حدود الوطن للوقوف باسم الأمة والأخوة في الدين والانتساب مع عالم جليل أو داعية مفوه في مواجهة كسر من كسور العلمانية المتطرفة.
حينها تترادف الأنباز والمسميات وتطفو على الورق والصورة والأثير نظريات المؤامرة، وفن افتعال ضجة تدويل الأزمة تحت مسمى التهريب الديني والتطرف المشرقي، الذي لا يزال يتربص بسماحة الخصوصية الدينية؛ ويقدح في قداسة ثلاثيتها المغربية الضاربة في عمق تاريخ أسلافنا المغاربة؛ من جنس أولئك الذين يقف صاحب الطلعة البهية والقفطان الأخضر السندسي؛ والوجه الحليق الأمرد الموسيقار عازف القانون ليحدثنا عن كراماتهم ومعجزاتهم ودورهم في تربيب الكون بكثير من الندية الظالمة؛ وهم الأقطاب والأبدال والأوتاد وسيدهم الغوث الرباني السيد أحمد التيجاني.
إنه خرق يسمح لرويبضة الأحداث أن يقف مدافعا عن ذلك المعتوه باسم “يوسف” ذلك الذي انسلخ عن وزرة التطبيب مفضلا الارتماء في أحضان الجرح الفاجر والاستهزاء المتاجر بأعراض السادة والأشراف، فكان أن صدر دفاعه بكلام لا يصدر إلا عن طيش أنثوي قائلا عن هذا الأفاك الساخر {هو أجمل من مرسي بكثير وأوسم منه وأكثر منه ذكاء}.
وليس هذا بمستغرب على من كان قد رضي الفاحشة في التي حملته وهنا على وهن وكان حمله وفصاله في عامين، فلما اشتد العود سلط سعيه وبطشه على كل فضيلة وفطرة سوية، وتنكر حتى لمن حماها الشرع الحنيف من سماع كلمة خفيفة المبنى ثقيلة الوقع والمعنى، تلك هي كلمة (أف).
ليس بمستغرب وهو ينتصر بكل صفاقة لهذا المهرج الذي نحكم على صحة سفاهته وسفالته لمجرد استبداله الذي أدنى بالذي هو خير، وهل يمكن لعاقل أن يقارن بين صنعة الطب والتطبيب مع سراب بيع اللغو وحشو الكلام الذي لا طائل منه ولا جدوى؟
ليس بمستغرب عليه أن يرمي علماء الأمة عند قوله: (هؤلاء الذين أصبحوا وصمة عار في جبين هذه الأمة من فقهاء بول البعير وجواز إرضاع الكبير وحرمة الجلوس على كرسي جلست امرأة فوقه من قبلك).
ونحن بعد هذا الظن الآثم والخرص الصادم لا نملك إلا أن نسأله عن أي عار يتكلم؛ وعن أي أمة صار هؤلاء العلماء وصمة على جبينها؟
ثم هل يملك هذا الرويبضة معيار تصنيف العلماء أو آليات الوقوف على المسالك الفرعية والمقاصدية لفتاويهم؟
وهل مثل هذا يمكنه أن يميز بين أوامر الشرع وأن يعرف أن قضية إرضاع الكبير هي من جنس حوادث الأعيان التي لا عموم لها؟
ثم هل يعلم هذا الأفاك الأثيم أن أسياده من علماء الغرب قد وقفوا على الفوائد الطبية والقدرة العلاجية لبول البعير الذي كان قد نصح النبي العرنيين بشربه، واكتشف الطب الحديث بعد حين قدرته على قتل الخلايا السرطانية النائمة والفاعلة في جسم الإنسان؟!
ثم هل يغنيه اللعب بورقة المرأة على ما سطره التاريخ للذكرى وهو يدعو جهارا نهارا إلى مقارفة جريمة الحب التي لم تكن في أدبيات الشرع إلى دعوى منكرة إلى ارتكاب الزنا ومعانقة الخنا؟!
وها قد مضت الشهور على بعض الفتاوى التي صنع منها الإعلام العلماني فزاعة غرنقها كشماعة يعود إليها بين الفينة والأخرى لينشر عليها أدران أسماله المترهلة المتهالكة دون أن تلوح في أفق صناع هذا الإفك الإعلامي الغادر الفاجر نهاية تؤشر أو تؤذن بسلو ونسيان بعض الأخطاء أو الخرجات التي لا يمكن أن تحسب إلا على أصحابها في دائرة اجتهادهم وبذل وسعهم؛ وكذا على من يدور في فلك التلقي والتلقف عنهم من المتربصين الذين يحسبون علينا كل صيحة ونحن لا زلنا نربأ بأنفسنا عن وسمهم بالعدو.
لكننا لن نتوانى في تنبيه أهل الفضل والبراءة على أخذ حذرهم وحساب خطواتهم؛ سيما وأن هذا الإعلام وجد وخلق من أجل أن يصنع من صغيرتنا أكبر الكبائر ومما عفا الله عنه من اللمم وأسقط المؤاخذة عليه مروقا من الدين وانقلابا على وسطيته وسماحته التي تقاس بمعيار حداثي من طرف فئة متأسلمة تجيد لعبتي التقية والمداهنة عند الحاجة إليهما؛ كما تجيد صنعتي التهارش والإقصاء كلما صنعت لها هامشا فتحه أمامها ضجيجها المفتعل الذي يمكن أن تقرأ منه من على بعد وشط أن القوم أخذتهم العزة بتقطعهم الأخلاقي؛ وإلحادهم المادي الحائف الذي سعى ويسعى إلى تهوين قوى الخير؛ وكبت صوتها الدعوي الفاعل ليحل محله ركز السفهاء؛ وجعجعة دعاة المنكر المتحاملون على كل معروف؛ الصادون عن ذكر الله؛ الواقفون ضد ربط بني الإنسان بغاية وجودهم في هذه الأرض؛ في محاولة لإغراق الكل المستوعب للطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة في حياة بهيمة الأنعام.
ونحن لا نملك في الأخير إلا أن نرحب بكل مطارحة فكرية ومناظرة معرفية من شأنها أن تطهر بلادنا من أوضار الوهن وأنجاس الارتداد وتصبغها بألوان بهية عنوانها البذل والاعتداد.
وسيرى القوم إذ هم راموا هذا وسمحوا به أننا لسنا ذلك الكلأ المباح؛ ولا ذلك الفكر الذي لا سند له ولا أصحاب؛ بل وسيلمسون بفضل الله ومنته درجة غيرتنا على الحق ومستوى كرهنا للباطل وحرصنا على الإبقاء على جذوة هذا الحق متقدة الشعاع؛ إبقاء يدفعنا إلى الإقبال على الحياة في سبيل الله.
تلك الحياة التي ملؤها إعمار الديار؛ وبناء الأوطان؛ والإقبال على المستقبل بتأميل كريم؛ يطرد اليأس الذي زرعته طغمة العلمانية الفاسدة في النفوس المطمئنة المنيبة؛ فانقلبت بفعل فعالهم المشينة إلى مجرد أرقام كمية تضخها في بورصة تمرير وشرعنة مهرجانات تبذير المال العام؛ ونزيف الأخلاق الحاد؛ فتخرج علينا بالصوت والصورة لتشنف آذاننا بأرقام فخرية تطهر بها دنسها من قبيل: “لقد حضر اليوم إلى منصة الحفل الذي أماتته “شاكيرا” عشرات الآلاف من عشاق الفن عشاق الحياة” لكنها حياة ليست كالحيوات؛ حياة على مقاص صناع الدياثة الجداثية الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *