حدثتني الثورات العربية… د.محمد أبوالفتح

• حدثتني الثورة التونسية أن غاية ما يمكن أن تقدمه الثورة للمسلمين في بلاد الإسلام، هو ما وجده المستضعفون قبل ذلك في بلاد الكفر من حرية التدين والاعتقاد.
– فقلت لها: كان بعض المسلمين ينتظرون منك أكثر.
– فقالت مستغربة: وماذا ينتظرون؟!
– قلت: تحكيم الشريعة الإسلامية.
– فقالت متهكمة: الشريعة الإسلامية؟! ألم تعلم أن الحكم للشعب لا لله؟! ألم يبلغك شعار الثورة: الشعب يريد…؟!
• حدثتني الثورة الليبية أن ما يمكن أن تقدمه الثورة للمسلمين بعد إسقاط الطاغوت، قريبٌ مما حققته الثورة التونسية من حرية التدين، مع فوضى السلاح والمسلحين، وتمكين للعلمانيين بصناديق الاقتراع.
– فقلت لها: والشريعة الإسلامية، أين هي؟!
– قالت: الشريعة الإسلامية؟! ألم تعلم أن الحكم للشعب لا لله؟! ألم يبلغك شعار الثورة: الشعب يريد…؟!
• حدثتني الثورة اليمنية أن ما يمكن أن تقدمه الثورة للمسلمين هو استبدال حاكم بحاكم، مع إضعاف للبلاد الفقيرة، وتمكين للشيعة الرافضة.
-فقلت لها: والشريعة الإسلامية، أين هي؟!
– قالت: الشريعة الإسلامية؟! ألم تعلم أن الحكم للشعب لا لله؟! ألم يبلغك شعار الثورة: الشعب يريد…؟!
• حدثتني الثورة المصرية أن الديمقراطية تسع الجميع، تقبل النصرانية، والكفر، والإلحاد، ولا مكان فيها للشريعة الإسلامية.
– فقلت لها مستغربا: وإن أرادها الشعب بالأغلبية؟
– قالت: وإن أرادها الشعب بالأغلبية؟!
– قلت: هي إذاً لعبة قذرة، تتغير قواعدها إذا كانت النتيجة لصالح الشريعة الإسلامية؟
– قالت: نعم! ألم تستفد من التجربة الجزائرية؟!
• حدثتني الثورة السورية أن غاية ما يمكن أن تقدمه للمسلمين من إنجازات عظيمة: قتلى بالآلاف، وانتهاك أعراض، وخراب في كل مكان…
– فقلت لها: وماذا بعد الانتصار وإسقاط النظام؟
– قالت: لا تنتظر مني أكثر من أخواتي الشقيقات في تونس وليبيا ومصر…
– فقلت لها: فما قولك فيمن كانوا ينتظرون منك إقامة دولة الإسلام، وتحكيم الشريعة الإسلامية؟
– قالت: أحلام اليقظة، فالحكم للشعب وليس لله، ألم تسمع إلى شعار الثورة: الشعب يريد….؟!
حدثتني الثورات العربية أن الثورات لا تُبْقِي دنيا، ولا تُقيم دينا، إنما هي فتن كالأمواج، ودماء كالأنهار، وجثث بالآلاف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حدثتني الثورات العربية أن الحق ما قاله علماؤنا من قبلُ من أن دين الله إنما يقام على منهج الرسل والأنبياء في الدعوة والإصلاح، وأنه: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. فاعتبروا يا أولي الأبصار!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *