قال تعالى: “الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ
وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ”.
عجيب حال أقوام لا يعملون ليوم المعاد ولا يخافون من رب العباد, اتبعوا أهواءهم وركبوا جواد العناد وغرتهم زهرة الحياة الدنيا ونسوا يوم التناد.
فهل لا يؤمنون بالغيب حقا؟!
وهل لا اعتقاد لهم في الآخرة صدقا؟!
يصدون عن الحق, ويفسدون في البلاد, يبغونها عوجا بنشرهم للفساد, والله أعلم بكل باغ وعاد, وهو سبحانه لا يخلف الميعاد.
يقول الله تعالى: “الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ”.
أي:
نسوا الآخرة وتركوها وراء ظهورهم، وقدَّموا عليها الدنيا ورضوا بها واطمئنوا لها كل ذلك لسوء الطوية وخبث السريرة, ولذا فهم “يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ” أي: يصدون الناس عن السبيل القويم, والصراط المستقيم الذي نصبه الله لعباده وبينه في كتبه وعلى ألسنة رسله, فنابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة, فكان حالهم أنهم “يَبْغُونَهَا عِوَجاً” أي: سبيل الله, فهم يحبون أن تكون عوجا مائلة منحرفة -وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها, ولا من خذلها- فيحرصون على تهجينها وتقبيحها.
وقد سلكوا من أجل ذلك كل السبل من بث الشبهات للتلبيس على المؤمنين والمؤمنات في أمورهم الدينية والشرعية.
وكذا إلقاء التهم على الأبرياء -تنفيرا للناس عنهم- فرموهم بالظلامية والماضوية والرجعية!!
ونشروا الرذيلة حتى يقع الناس في مستنقع التيه والضياع ويغرقوا في بحر الشهوانية.
يبغونها عوجا والله عليم بهم.
يبغونها عوجا والله يسمع أقوالهم.
يبغونها عوجا والله يرى أفعالهم.
يبغونها عوجا.. ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره المفسدون.
“أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ” لأنهم ضلوا وأضلوا، وشاقوا الله ورسوله عليه والصلاة والسلام، فأي ضلال أبعد من هذا؟!
وهل يرجى لهم فلاح أو إصلاح مع كل هذا؟!
فواغربتاه.. فاللهم عفوك وغفرانك.