مصادر التشكيك في الأحاديث (2) د. حمزة الفتحي

-3 صحفيون مخلطون: بدراية وبغير دراية، يحاكمون الأفكار، ويجعلون من أنفسهم سلطة تحكم وتقرر، تبيح وتمنع، وأكثر طروحاتهم قص ولصق، لا تنتمي إلى ميادين الأفكار والتأصيل العلمي المتين، وإنما تخليط، وشيء من التهويل والتخويف والتخريف والتدجيل، حتى تصيب أهدافهم، من نحو محاكمة النصوص، ونقد الأحاديث، وأكثرهم لا يشتغلون بالعلم، فضلا عن أن يكونوا من منسوبي السنة والآثار، بل هو الانتفاخ الصحفي.
وإنه لمن عجائب الحياة، أن تصبح السنن كالكلأ المباح، والمتاع المشاع، لكل ناطق وناعق، ولذلك لا يؤمن هؤلاء إلا بما يمليه سادتهم من فلاسفة الغرب وعلمائه، فإن صادقوا على صحة الأحاديث بالمعامل التجريبية، صدّقوا وأذعنوا، وإلا عاندوا واستهزأوا، ومن اعتراضاتهم: أحاديث الذباب، وشرب ألبان الإبل وأبوالها، وبرغم مصادقة بعض المعامل عليها، إلا أن بعضهم لا يزال في ريبة!
-4 إسلاميون منهزمون: خدرتهم المنجزات الغربية، وأحسوا بالهزيمة الفكرية والذاتية، فأرادوا مواصلة الدعوة متكيفين، بتجديد منهزم، وسلوك فاتر، وحراك سقيم يتنافى وعزة الإسلام، وأنف العقيدة والكرامة، من نحو من يسمونه رائد التنوير، رفاعة الطهطاوي وأتباعه، الذين تميعوا في التسويغ والترويج للفكر الغربي، بطريق انهزامية تنم عن استلاب كبير.
-5 كتاب متحاملون: ذوو انحراف خطير، أو تلقٍ مشوش، أو فكر هابط، أو قراءات مسبقة، اعتمدت على الفكر الشيوعي أو العلماني أو القومي، أو أخدان لروايات ساقطة، وقصص ماجنة، صنعت منهم أضدادا لدينهم ولأمتهم، فيأتون ليجعلوا من أقلامهم حكما على الأحاديث، وأن لهم القدرة في النقد والتحليل، وينضاف إلى ذلك معاداتهم لبعض الإسلاميين، ما يجعلهم ينظرون بعين العمى لما يطرح؛ ومقدماتهم فنية أو سياسية أو تربوية، أو تهريجية، ولا علاقة لهم بالعلم الشرعي ومسائله، وتحقيقه.
-6 متحدثون مأجورون: من خلال قنواتهم وبرامجهم، التي أخذت على عاتقها إقصاء الإسلام والفضائل، ونشر السفه والرذائل، وبث السموم والشبهات المزعزعة للإيمان والعقائد، من نحو معارضة بعض الأحاديث للعقل البشري، وعدم ذكر ذلك في القرآن، أو الترويج أن الإيمان بالقرآن كاف؛ متجاهلين جل أحكام الشريعة التفصيلية التي جاءت في السنن ولم تذكر في القرآن، كصفة الصلاة والزكاة والحج والصيام والمعاملات، ودقائق الحدود وشبهها.
ومن المؤسف أن كل هذه الأصناف تحتضنها قنوات فضائية معروفة، تدعمهم وتروج لأفكارهم في المجتمعات المسلمة، ليمارسوا عملية الهدم والتضليل والتلبيس، باسم الإسلام والعدالة وفقه الشريعة.. والحقيقة أنه لا عدل ولا فقه ولا شريعة، فهم يختارون ما يريدون، ويثبتون ما يريدون، إلى أن يبتكروا إسلاما جديدا، يتناغم والهوى الغربي.
وهذه الأصناف قد حذر وتنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بهم في قوله: «ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني، وهو متكئ على أريكته فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله» رواه الترمذي وغيره.
وقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه» صححه الألباني وغيره.
كفانا الله شرهم، ورد كيدهم في نحورهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *