– قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (الآية: 4).
كلمة «نحلة» تفهم على غير وجهها.
قال القرطبي: قوله تعالى «نحلة»: النِّحلة والنُّحلة، بكسر النون وضمها لغتان؛ وأصلها من العطاء، نحلت فلانا شيئا أعطيته، فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة. وقيل «نحلة»: أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع؛ وقال قتادة معنى «نحلة»: فريضة واجبة؛ وقال ابن جريج وابن زيد: فريضة مسماة. قال أبو عبيد: ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة؛ وقال الزجاج: «نحلة»: تدينا. والنحلة الديانة والملة، يقال: هذا نحلته أي دينه. وهذا يحسُن.
والنحلة -بكسر النون- العطية بلا قصد عوض.
قال الشعراوي: «و«النحلة» هي العطية، وهل الصداق عطية؟ لا. إنه حق وأجر بضع. ولكن الله يريد أن يوضح لنا: أي فليكن إيتاء المهور للنساء نحلة، أي وازع دين لا حكم قضاء، والنحلة هي العطية».
قال السعدي: «نحلة، أي: عن طيب نفس، وحال طمأنينة».
إذن فالنحلة فريضة من الله تعالى تعطى للمرأة عن طيب خاطر، وراحة نفس، وطمأنينة بال.
– قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} (الآية: 5).
ما المقصود بكلمة «السُّفَهَاءَ» هنا؟
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في «السفهاء» الذين نهى الله جل ثناؤه عباده أن يؤتوهم أموالهم.
فقال بعضهم: هم النساء والصبيان؛ وقال آخرون: بل «السفهاء»: الصبيان خاصة؛ وقال آخرون: بل عنى بذلك: السفهاء من ولد الرجل؛ وقال آخرون: بل «السفهاء» في هذا الموضع: النساء خاصة دون غيره.
إلى أن قال: والصواب من القول في تأويل ذلك عندنا، أن الله جل ثناؤه عم بقوله: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، فلم يخصص سفيهاً دون سفيه. فغيرُ جائز لأحد أن يؤتي سفيهاً ماله، صبياً صغيراً كان أو رجلا كبيراً، ذكراً كان أو أنثى.
قال صاحب «التحرير والتنوير» -بعدما سرد الاختلاف الوارد في ذلك-: «… ويجوز أن يراد به مطلق من ثبت له السفه، سواء كان عن صغر أم عن اختلال تصرف، فتكون الآية قد تعرضت للحجر على السفيه الكبير استطرادا للمناسبة، وهذا هو الأظهر لأنه أوفر معنى وأوسع تشريعا».
– قوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (من الآية: 36).
«الْجَار الْجُنُب» تفهم على غير وجهها.
قال البغوي: «الْجَار الْجُنُب» أي: البعيد الذي ليس بينك وبينه قرابة.
قال الماوردي: «الْجَار الْجُنُب» فيه قولان، أحدهما: الجار البعيد في نسبه الذي ليس بينك وبينه قرابة، وهو قول ابن عباس ومجاهد؛ والثاني: أنه المشرك البعيد في دينه.
يقول الطبري بعدما عرض القولين معا: «وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: «معنى «الجنب» في هذا الموضع: الغريبُ البعيد، مسلما كان أو مشركا، يهوديا كان أو نصرانيا»، لما بينا قبل من أن «الجار ذي القربى» هو الجار ذو القرابة والرحم. والواجب أن يكون «الجار ذو الجنابة»، الجار البعيد، ليكون ذلك وصية بجميع أصناف الجيران قريبهم وبعيدهم».
والجُنب في كلام العرب هو البعيد، وبه فُسر قوله تعالى في سورة القصص: {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} (الآية: 11) بِعَن بُعد.
– قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (الآية: 40).
«ذَرَّةٍ» تفهم على غير وجهها.
الذرة هي النملة الصغيرة، وليس المراد بها ذرة «جون دالتون» مكتشف الذرة، وصاحب النظرية الذرية، وإن تقارب المعنى.
قال ابن قتيبة: «مِثْقالَ ذَرَّةٍ» أي زنة ذرة، يقال: هذا على مثقال هذا، أي على وزن هذا، والذرة جمعها ذر، وهي أصغر النمل.
قال القرطبي: والذرة: النملة الحمراء، عن ابن عباس وغيره، وهي أصغر النمل. وعنه أيضا رأس النملة… وقيل الذرة: الخردلة، كما قال تعالى: {فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها}؛ وقيل غير هذا، وهي في الجملة عبارة عن أقل الأشياء وأصغرها.
قال ابن عطية: و«الذرة» نملة صغيرة حمراء رقيقة لا يرجح لها ميزان، ويقال إنها تجري إذا مضى لها حول.
فالذرة كل شيء موزون إلى أقل درجات الوزن.
– قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً} (الآية: 94).
«السَّلاَمَ» تفهم على غير وجهها.
قال ابن عطية: «السَّلَم» بتشديد السين وفتحه وفتح اللام، ومعناه: الاستسلام أي ألقى بيده واستسلم لكم وأظهر دعوتكم؛ وقرأ بقية السبعة «السلام» يريد سَلَّمَ ذلك المقتول على السرية، لأن سلامه بتحية الإسلام مؤذن بطاعته وانقياده، ويحتمل أن يراد به الانحياز والترك؛ قال الأخفش: يقال: فلان سلام إذا كان لا يخالط أحدا، وروي في بعض طرق عاصم «السِّلْم» بكسر السين وشده وسكون اللام وهو الصلح، والمعنى المراد بهذه الثلاثة يتقارب.
قال صاحب «محاسن التأويل»: «لا تقولوا لمن أظهر الانقياد لدعوتكم فقال: لا إله إلا الله، أو سلّم عليكم فحياكم بتحية الإسلام».
قال الفخر الرازي: أراد الانقياد والاستسلام إلى المسلمين، ومنه قوله: {وألقوا إلى الله يومئذ السلم} (النحل: 87)، أي استسلموا للأمر، ومن قرأ السلام بالألف فله معنيان، أحدها: أن يكون المراد السلام الذي يكون هو تحية المسلمين، أي لا تقولوا لمن حياكم بهذه التحية إنه إنما قالها تعوذا فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا ماله، ولكن كفوا واقبلوا منه ما أظهره؛ والثاني: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم ولم يقاتلكم لست مؤمنا، وأصل هذا من السلامة لأن المعتزل طالب للسلامة؛ قال صاحب الكشاف: قرئ مؤمنا بفتح الميم من آمنه، أي لا نؤمنك.
– قوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (الآية: 101).
«يَفْتِنَكُمُ» تفهم على غير وجهها.
قال الطبري يعني: إن خشيتم أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم. وفتنتهم إياهم فيها: حملهم عليهم وهم فيها ساجدون حتى يقتلوهم أو يأسروهم، فيمنعوهم من إقامتها وأدائها، ويحولوا بينهم وبين عبادة الله وإخلاص التوحيد له.
قال البغوي: {إن خفتم أن يفتنكم} أي: يغتالكم ويقتلكم.
قال الزمخشري: والمراد بالفتنة: القتال والتعرّض بما يكره.
قال ابن عطية: «يَفْتِنَكُمُ» معناه: يمتحنكم بالحمل عليكم وإشغال نفوسكم في صلاتكم.
فـ«يفتنكم» أي: يعتدوا عليكم فيجوز لكم قصر الصلاة، وليس يفتنكم أي يضلوكم عن دينكم.