إن هذا الملف المختصر هو مقدمة للتعريف بهذا التقرير الهام، وهناك الكثير من القضايا الأخرى التي أثارها التقرير، والتي يجب أن تتم دراستها وتحديد سبل مواجهتها والتعامل معها في دراسات وأبحاث أخرى. ولكننا نوصي -فيما يتعلق بموضوع التقرير بالعموم؛ وإعادة تعريف الاعتدال بالمفهوم الأمريكي بالخصوص- بالأمور التالية:
– ترجمة التقرير وإتاحته في أسرع وقت ممكن لصُنّاع القرار في العالم العربي والإسلامي من العلماء والمفكرين والسياسيين، والتعاون من أجل فهم ما يعنيه هذا التقرير، وما يقدمه من توصيات للإدارة الأمريكية.
– إعداد ردٍّ علمي يتناسب مع الطرح الذي قدمه التقرير فيما يتعلق بمفاهيم الاعتدال، والتحذير من استعمال المصطلح بمفهومه الأمريكي من قِبَل أنصار التحرر والعَلْمانية والليبرالية في العالم العربي والغربي على حد سواء.
– نرى أهمية أن يؤكد العلماء والدعاة والمفكرون على مفاهيم الاعتدال الحقـَّة التي دعا إليها الإسلام، وتوّجتها وسطية الأمة المسلمة، وحثَّت عليها الشرائع السماوية، وليس التشريعات العَلْمانية الموجهة سياسياً لقمع الآخر، وإفساد العقول، ومحاربة الأديان.
– نؤكد على أهمية التعريف بالتقرير وما تضمنه من أفكار، والدقة في ترجمة المعاني الواردة فيه، وتفسير أسباب رغبة الإعلام الغربي في عدم الإعلان بوضوح عن صدور هذا التقرير؛ وهل هذا بسبب ما تضمنه من جرأة ومقترحات عملية، أم بسبب أن التقرير يقدم خريطة واضحة المعالم بالأسماء الشخصية وأسماء المؤسسات التي توصف من قِبَل مُعِدِّي التقرير أنها (معتدلة) وفق التعريف الأمريكي المقترح للاعتدال؟
– بيان أن المواجهة الفكرية مع الغرب قد بدأت من قِبَل الغرب، وأن المراكز الفكرية تقوم بحشد الآراء والتوجهات والموارد من أجل هذه المواجهة، سواء قبلنا بذلك أو استمر بعض منا في الدعوة فقط إلى التعايش والحوار.
إن الأمة الإسلامية بأكملها تواجه حرباً فكرية بدأت قبل سقوط الخلافة الإسلامية على يد العلمانية الماسونية وما هذا التقرير إلا آلية من جملة الآليات التي يستعملها الغرب في الإبقاء على ما أحرزه من تفوق على العالم الإسلامي، فلا بد أن يكون رد الفعل من قِبَل الأمة بجميع فئاتها متناسباً مع حجم الخطر، وموحداً في مواجهة خصم يوحد فئاته، وأن تلتزم الأمة المسلمة في هذه المواجهة بالضوابط الشرعية التي تحكم العلاقة مع الخصوم والمنافسين والأعداء أيضاً.
– الحث على حماية أطراف الأمة الإسلامية إضافة إلى حماية مركزها، وهو ما لا يجب أن يترك لأنصار الهجوم على أطراف الأمة كما يذكر التقرير ويؤكد في أكثر من مكان.
– نوصي أن يكون الإعلام المتزن والجاد هو أحد أسلحة المواجهة الفكرية المضادة للدفاع عن حقوق الأمة المسلمة، وأن يبتعد ما أمكن عن الخطاب العاطفي غير العملي، مع عدم التقليل من دور العاطفة المتزنة والمنضبطة شرعاً في تحفيز الهمم وتقوية العزائم والدفاع الصادق عن مصالح وحقوق الأمة.
– نوصي أن تعمل كل الدول الإسلامية على إنشاء مراكز علمية لدراسة ما في مثل هذه التقريرات حتى لا تنخرط مع أمريكا في أي مشروع تعاون عسكري أو استخباراتي، وأن لا تعمل بتوصيات الإدارة الأمريكية في مجال التعليم والشؤون الإسلامية على وجه الخصوص ما دامت منطلقاتها قد وضحت.
– نوصي عموم المسلمين أن الولاء الحق لهذه الأمة يقتضي الدفاع عن الإسلام في مواجهة الحملات الهادفة إلى المساس به. ونوصي كل مسلم أن هذا الولاء يقتضي كذلك مواجهة الغرب سلوكيا وفكرياً وحضارياً وثقافياً..؛ وذلك بالعمل على أن تحتل أحكام الدين مكانها الذي كانت تتبوّؤه أيام كان المسلمون قادة العالم، ولن يتم ذلك إلا بالرجوع إلى القرآن والسنة وامتثالهما فرادى وجماعات لقول الله تعالى:”إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” آل عمران.