تعديل مدونة الأسرة في الإعلام العمومي ملاحظات ومؤاخذات (ع.إ)

 

عرَّف النقاش العمومي حول مراجعة مدونة الأسرة، مدى احترام الإعلام العمومي لدفاتر التحملات خلال تغطية النقاش حول هذا الورش.

حيث طغت على شاشات القنوات الوطنية وجوه محددة ومعروفة بتوجهاتها الحداثوية. ما يعكس نوعا من التناقض حول ما إذا كانت قنوات القطب العمومي قنوات خاصة أم قنوات لعموم المغاربة، الذين ينصتون بكل رغبة لآراء علماء الدين الإسلامي الحنيف في مثل هذه النقاشات القيمية والهوياتية.

وفي هذا الصدد، أكد العلامة مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي للشرق، أنه لم توجه له الدعوة للمشاركة والمساهمة في النقاش حول مدونة الأسرة في القنوات الرسمية، معتبرا أن هذا الأمر واضح للجميع ولا يحتاج أي إظهار.

وأضاف بنحمزة موضحا: لم يبحثوا عنا للمساهمة في النقاش حول الموضوع الذي يتطلب مشاركة جميع الحساسيات، لأنه يهم المجتمع بكل مكوناته.

وتابع عضو المجلس العلمي الأعلى: نتساءل لماذا لم يحضر العلماء في القنوات العمومية لمناقشة موضوع مدونة الأسرة في وقت هناك من يستضاف أكثر من مرة؟ مشددا على أن “من حق العلماء أن يكونوا حاضرين في كل نقاش”.

واقعة العلامة مصطفى بنحمزة أثارت الكثير من الانتقادات تجاه الساهرين على قنوات الإعلام العمومي، لأنه لا يعقل أن يتم تغييب مرجعية لها شرعية تاريخية حضارية، مثل العلماء داخل القنوات التلفزية، لأنه في نهاية المطاف يبقى ورش مراجعة مدونة الأسرة، موضوعا مفتوحا أمام تيارات المجتمع لمقارعة الحجة بالحجة.

أمام هذا الواقع الإعلامي المغيِّب للعلماء، لا يمكن إلا أن نشرح بأن المنهجية الإعلامية في مناقشة ورش مراجعة مدونة الأسرة يقتضى أول الأمر استضافة العلماء على انفراد لشرح وجهات نظرهم الشرعية حول مواضيع مدونة الأسرة. ثم استضافتهم في برامج المناظرة ليردوا على كل الإدعاءات الموجهة بالأساس ضد المرجعية الإسلامية في مدونة الأسرة.

أيضا في سياق متصل، وُجِّه سؤال كتابي برلماني لوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، بشأن مدى احترام الإعلام العمومي لدفاتر التحملات خلال تغطية النقاش العمومي حول مدونة الأسرة وذلك على خلفية تغييب العلماء من قنوات القطب العمومي في النقاش الدائر حول المدونة.

 

وأوضح السؤال البرلماني، أن الإعلام العمومي يقوم على مبادئ التعددية والنزاهة إلى جانب الحياد والموضوعية، غير أنه، بحسب الاتحاد الوطني للشغل هناك مخاوف من عدم احترام دفاتر التحملات خلال مواكبة النقاشات العمومية التي تحظى بمواكبة هامة من طرف المواطنات والمواطنين. ومثالا على ذلك، تغييب الفقهاء والعلماء أعضاء المجالس العلمية من المشاركة في البرامج الحوارية بشأن المدونة، مما دفعهم إلى منصات التواصل الاجتماعي لخلق نوع من التوازن.

فمادام الإعلام الذي نحن بصدد مناقشته “عموما” فلابد أن يحترم مرجعيات عموم المغاربة، الذين يجلون علماءهم ويحسنون الإنصات إليهم، بل يجعلونهم مرجعا في حياتهم ومعاملاتهم. وبذلك يكون واجبا استضافة العلماء لا اقصاؤهم في قنوات القطب العمومي.

الأمر الخطير في التَّغييب الممارس تجاه صوت العلماء في قنوات الإعلام العمومي، هو أن الساهرين على هذه القنوات بقدر ما يسعَون عبر برامج متعددة، لتكون لهذه القنوات “المصداقية الكبرى” داخل وسائل الإعلام الوطنية والدولية، بقدر ما سيفقدونها، عبر هذه الممارسات الإعلامية المغَيِّبة لأصوات العلماء في مثل هذه النقاشات القيمية والهوياتية الحَاسمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *