لماذا اخترنا الملف؟

لا تمثل المقالات والأبحاث والرسوم الكاريكاتورية الهزلية التي تنشرها بعض المنابر الورقية والإلكترونية، والتي تستهدف بطريقة مباشرة وواضحة التدين والإسلام في مصادره التشريعية، إلا صورة مصغرة لحرب كبيرة تخوضها القوى العلمانية ضد الإسلام وأحكامه وتشريعاته.
ولا تعمل هذه المنابر الصحفية سوى على تنزيل أفكار «أكابر العمانيين» وترجمتها بلغة ميسرة عبر المقالة والكاريكاتور.
حيث يعتبر معظم المنظرين لهذا التيار المتطرف أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تراثا وخطابا لغويا قابلا للنقد وفق العلوم الإنسانية الحديثة، والنظريات الجديدة، كنظرية «موت المؤلف» أو «عزل النص»، ولا يخفون من خلال كتاباتهم ومؤلفاتهم مساواة نصوص الوحي لأي خطاب بشري كما فعل علي حرب، وأركون، وحنفي، وشحرور، ومنهم من ذهب مذهباً منكراً في تأسيس مشروع للتوفيق بين التُّراث والحداثة، كما فعل الجابري.
فمفهوم الوحي بشكل عام والسُّنَّة بشكل خاص يرتبطان ارتباطا وثيقا عند العلمانيين والحداثيين بالأسس الفكرية والخلفيات الوضعية التي ينطلقون منها؛ فممارسة العقل الحداثي لسلطاته المطلقة على الساحة الفكرية والدينية جعلت المسلّمات رهن الجدال والنقد، وحوّلت كثيرا من النصوص المجمع على ثبوتها أو دلالتها موضع الشك والزيف، مما أدى إلى إفرازات نكراء لنتاجات شاذة، وقواعد منبوذة اعتبرها الحداثيون فتحاً في علم الحديث والنقد وعلل المتون، وتجديداً لأسس التصحيح والتضعيف، والقبول والرد.
وقد أجاد الدكتور أنس سليمان النابلسي في بحث له بعنوان: «المنطلقات الفكرية والعقدية عند الحداثيين للطعن في الصحيحين» في توضيح الصورة حول هذه القضية، وكشف موقف العلمانيين الصريح من الدليل النقلي المصدّق ومن حجة السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، وقد استللنا منه لفائدته مجموعة من الأبحاث أدرجناها في هذا الملف.
وحتى لا ننشغل بالمعارك العابرة ونركز على الفكر المغذي لهذا التطرف، والمصادر الذي تمده بالأفكار والمعلومات، ارتأينا فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *