كنت قد نأيت -ككثير غيري- عن الخوض فيما أثير مؤخرا من زوبعة؛ حول العبارة التي اختتم بها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حديثه الموجه للنائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة ميلودة حازب، خلال اختتام الجلسة الشهرية لمجلس النواب حول السياسات العامة.
على اعتبار أن الموضوع برمته لا يستحق النقاش، وأن الحملة الإعلامية ضد رئيس الحكومة لا تعدو أن تكون تصفية للحسابات السياسوية؛ وعملية تسخينية أو «بروفة» استعدادا للانتخابات الجماعية المقبلة.
وعلى اعتبار أن الخوض في النيات وتحميل الكلام ما لا يحتمل؛ وتوجيهه إلى معنى منحرف منحط سافل؛ لا يليق بتاتا بنواب الأمة وممثليها وكل شخص يحترم نفسه سواء كان فاعلا سياسيا أو إعلاميا أو حقوقيا…
وعلى اعتبار أيضا أن الأمر له سوابق متعددة سواء ما تعلق منها بـ«تقطار الشمع»؛ أو ما ورد على سبيل الخطأ فحسب؛ ولم يكن آخرها ما وقع لنائبة الأصالة والمعاصرة ميلودة حازب نفسها مع رئيس مجلس النواب السابق كريم غلاب سنة 2013؛ حين دعاها إلى تقديم مداخلتها فقال: «النائبة المحتمرة ميلودة حازب»، قبل أن يرتبك ويستدرك خطأه فيما بعد، لكن غلاب لم تشن عليه حينها حرب ضروس كما يقع مع بنكيران اليوم.
وعلى أي؛ ومهما يكن الأمر؛ فقد قطع بنكيران خيوط الشك بسيف اليقين، وصرح خلال انعقاد أشغال الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني لجمعية مستشاري العدالة والتنمية أنه لم يقصد هذا المعنى بتاتا، وأشار إلى أنه لو كان من قام بتلك التأويلات يملك ذرة حياء كان سيعرض عن ذلك التأويل حتى لو كان هو المقصود فعلا! ووصف من أقدموا على مثل تلك التأويلات بالسفهاء الذين يعيشون في السفاهة ويتعاملون فيما بينهم بالسفاهة.
وما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع هو مقال للمدعو «عصيد» نشرته «الأحداث» يوم الأربعاء 11 فبراير 2015، عنونه بـ«فحولة رئيس الحكومة»؛ نفث فيه مجددا سمومه حول أحكام من الشريعة الإسلامية، وأخرج قاموس مصطلحاته العفن الذي يستعيض به دوما في النقاش عن الإقناع بالحجة والبيان؛ فسلاح الضعيف كما جرت العادة هو السب والشتم والتشغيب.
وهذا ليس ادعاء ولا تحاملا على هذا الشخص؛ لا أبدا.. وإلى القراء الأفاضل جانبا مما سوده في مقاله حتى يتبينوا ما فيه:
»- يحلو لرئيس الحكومة أن ينفخ أوداجه وينفش ريشه كلما تحدث عن النساء، فتأتي لغته قطعية ماحقة، في صراخ أشبه بتصياح «الشناقة» والسماسرة في سوق الأبقار، وهو مثل غيره من المحافظين الماضويين لا يترك الفرصة تمرّ دون أن يذكر الناس بفحولته خوفا من أن يعتقد الناس في خلاف ذلك.«
»- ما يفسر شعورهم أمام المرأة العصرية المتفوقة بنوع من الإهانة لرجولتهم، فيكون الرد كالمعتاد بالعنف اللفظي وهو أضعف الإيمان، أو المادي عندما يتاح لهم ذلك«.
»- يفسر هذا كذلك لماذا يسابق أعضاء هذا التيار على الزواج بعدة نساء، فالمرأة لا تصلح إلا لشيء واحد وهو أن تبرهن على فحولة الرجال.. إنه الفهم البهيمي المرتبط بطفولة العقل البشري، وبغرائز الإنسان الحيوانية التي تعود في كل مرة لتطل من بين تلافيف الحضارة فتذكر الناس بوجودها .«اهـ
صراحة ما أصفق وجهه!!! (قاسح إلى درجة التسنطيح)!!!
فجل من تابع ملف عصيد ومزان يدرك أن فضيحتهما الأخلاقية لم يكد يمر عليها الشهران؛ ليخرج عصيد؛ دون أن يرف له جفن أو تعلو وجهه القطوب مزعة حياء، ويحاول الركوب على الأحداث، والتظاهر بالطهرانية والدفاع عن المرأة من بطش الإسلاميين؛ وهو الذي مارس بالأمس القريب أبشع أنواع الاضطهاد على امرأة أمازيغية؛ وأسهم في هدم بيتها؛ وتفريقها عن زوجها؛ وسبب لها أزمة نفسية حادة.
فقد كشفت الشاعرة الأمازيغية مليكة مزان لعدد من المنابر الإعلامية أن «عصيد» الذي يتظاهر بالدفاع عن المرأة ويطالب بحمايتها من عنف الفقهاء ومن السلطة الذكورية، قد مارس عليها العنف الجسدي.
وأوضحت في خرجات إعلامية متكررة أن علاقة صداقة كانت تجمعها بعصيد منذ 2004، وكانت تظن بحكم أنهما درسا الفلسفة ويدافعان معا عن القضية الأمازيغية وأنهما مثقفان؛ أن هاته العلاقة ستكون بعيدة عن التعامل الشعبي؛ وأنهما سيمثلان نموذجا جميلا للصداقة بين الرجل والمرأة؛ وفق ما صرحت به مزان.
لكنها أدركت فيما بعد أن عصيد كان يريد من هذه العلاقة أن تنحرف عن مسارها؛ وبحكم أنه شاعر أمازيغي فقد أبدى لها من ملحون القول ومعسول الكلام ما يؤكد به رغبته في ربط «علاقة حميمية غير شرعية» معها.
ووثيقة عقد النكاح العرفي التي نشرتها منابر إعلامية، والموقعة من طرف عصيد وتحمل رقم بطاقته الوطنية، جاءت بعد طلبها منه أن تكون العلاقة بينهما منظمة، لأنها وفق قولها كانت لا تصدق أقواله رغم احترامها لميولاته.
وعلى إثر خلاف نشب بينهما؛ اضطرت الأخيرة لتبوح بمعاناتها وتكشف بعض أسرار علاقتها مع شخص لطالما أثار الفتن وشكك في عقائد الناس، كما شهد على نفسه بذلك في عقد النكاح الذي تم تحت رعاية «الإله ياكوش»، وسمح وفق حماقتهما لكل طرف بالمعاشرة الحرة المتحررة من كل الضوابط والقيود.
هذا؛ وقد كشفت مزان للرأي العام؛ من خلال حوار مطول لها؛ أن عصيد كان يتعامل معها بشكل عنيف وغير إنساني، وأنه مارس عليها العنف الجسدي والرمزي، كما اتهمته أيضا بالعجز الجنسي (العُنَّة).
فهل يحق بعد كل ما ذكر أن يقدم لنا هذا الكائن دروسا في الطهرانية، وتوصيات للمحافظة على كرامة المرأة، وطرق الحد من استغلالها وتوقيف الميز ضدها؟!
الجواب واضح؛ ولا يحتاج إلى تفسير.
لقد أكد عصيد في مقاله على فحولة السيد رئيس الحكومة؛ إلى درجة أنه أثبتها في عنوان مقاله؛ وباستحضار ما كشفته «مزان» من ليالي الفجور والخنا التي جمعتها مع عصيد على فراش الرذيلة، فإن الأخير يعاني من برودة وعجز جنسي، فهل يمكن أن يكون هذا هو السبب الذي حَفـَزَ عصيد إلى التسلط على شخص رئيس الحكومة والتركيز على فحولته أكثر من أي شيء آخر؛ حتى وإن كانت مرجعية الأخير وأخلاقه وسيرته وتصريحاته بعيدة كل البعد عن الارتكاس في هذه الحقارة والسفالة.
مع كامل الأسف؛ لم يتبق اليوم للمعارضة في البرلمان ولا خارج البرلمان ما تناقشه وتثيره وتتعلق به من قضايا كبرى وجوهرية؛ سوى بعض قضايا ثانوية ومصطلحات حمالة أوجه، والطعن في النيات، والتشغيب بأدوات لا تزيدها -بمرور الأيام- إلا بؤسا وإفلاسا ورجعية.
——————–
العُنَّة: عجزٌ يصيبُ الرجلَ فلا يقدِر على الجِماع.1-