مِن حقِّ نفسك عليك؛ أنْ لا تجعلها موطناً لليأس أمين أمكاح

حين يُسيطر اليأس على النفس البشرية يشعر الفرد بالضياع والإحباط، فكل الأشياء التي من حولنا ليست سيئة وليست جيدة، وليست إيجابية ولا سلبية، لكن نحن الذين نصبغها بهذه الصبغة، ونشكل لون حياتنا وطعمها بحلوها ومرها، فالعديد منا يلقي اللوم على الحياة فيما يشكو منهُ، فيَدَعُ اليأس يعشش في نفسه مما يتعبه كثيرا ويفقده قواه، هنا تكمن ضرورة تجديد الأمل في النفس وإحيائه بكونه ربيع مزهر.
فما هي الدوافع التي تؤدي إلى استوطان اليأس في النفس البشرية؟
وماهي الطرق الفعالة المقترحة للعلاج من هذه الأفة الفتاكة؟
وأين تكمل أهمية حضور الأمل في حياة الإنسان؟
وكيف يبنى الأمل داخل النفس؟
إن كثيرا منّا للآسف مصّرون على مخاصمة الأمل في اصرار غريب، فهم يتهيبون القدر وكأنه ينصب لهم فخا ويخاصمون الحياة والسعادة، ويرفضون أي دعوة للتفاؤل والفرح.
فالإنسان هو من يصنع بأيديه ذلك، ولا عذر له فيما يفعل تجاه ذاته، لأنه من حق نفسه عليه أن يعتني بها ويحافظ عليها ولا يجعلها في عداد الأموات وهي ما زالت على قيد الحياة!
تأكد أنك حين تنكسر لن يرحمك بعد الله سوى نفسك، وحين تنهزم لن ينصرك سوى إرادتك، فقدرتك على الوقوف مرة أخرى لا يملكها سواك، وﻻ ﺗﻴﺄﺱ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓٍ ﺃﺑﻜﺖ ﻗﻠﺒﻚ، ﻭﻗﻞ ﺍﻟﻠﻪ يعوضني ﺧﻴﺮًﺍ، فالعناية بالنفس وحمايتها ضرورة ملحة، فلا تعطي اﻷحداث فوق ما تستحق.
اجعل من نفسك إنسانا إيجابيا، فالأشخاص الأكثر قوة هم من مروا بالأزمات وتعرضوا للخسائر، يملؤهم الطموح ومفعمون بالحيوية.

قـــــــــــــف معي للحظات!
لاتعتقد أن وجودك داخل غلاف اليأس سيفيدك ويستعطف قلوب الناس عليك، حاول أن تُسعد ذاتك، فلنفسك عليك حق أسعدها .
لا تيأس مشكلتك لها حل.
‎لا تيأس ستبتسم لك الحياة يوماً ما.
لا تيأس إن كنت تريد النجاح رغم الفشل، حاول وكرر المحاولة مرة أخرى.
لا تيأس إن كنت فقيرا أو مريضا، فمن المحن تتولد المنح.
لا تيأس فالنصر قادم.
لا تيأس إذا تعثرت أقدامك وسقطت في حفرة واسعة، فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكا وقوة، فالصبر الصبر.
لا تيأس من حياةٍ أبكت قلبك وقُل يا الله عوضني خيرًا، فالحزن يرحل بسجدة والفرحة تأتي بدعوة.
لا تيأس وأنظر إلى الجانب المشرق وأصنع مستقبلك.

إن لليأس دوافع متعددة تأثر سلبيا على حياة المرء؛ وخصوصاً لمن استسلم وانقاد له، ومن هذه الأسباب اذكر أهمها وهي:
 استعجالُ الأمور:
 لنعلم أنّ المستعجلين هم أقصر الناس نَفَساً، وأسرعهم يأساً، وذلك عندما لا تجري الأمورعلى هواهم أو حسب ما يتمنون ويحبون ويشتهون.
 عدم تعليق القلوب بالأمل في الله:
 عندما نَرُد كل أمر يواجهنا في حياتنا إلى الله ونزنه بميزان السماء لا بموازين الأرض، فإننا لن نيأس مطلقا، بل ستبقى قلوبنا معلَقة بالأمل في الله خالقنا وحده لا شريك له، ومدبر الأمر كله.
 تعميم المواقف السلبية:
 قد يواجه المرء مواقف فردية سلبية من بعض الناس، فيتخذ منها موقفا سلبيا، ثم يعمم ذلك على كل ما يواجهه في حياته، وكأن الناس كلهم بعضهم مثل بعض، أي؛ حين ييأس الشخص من مجموعة أو شخص آخر لموقف سلبي بدر منه، فإنه يعمم يأسه هذا على مواقفه من كل الناس الذين يعيش معهم أو يلتقي بهم، وبذلك يتخذ موقفا عاما لإبتلائه بموقف خاص!
يعتبر اليأس من الأمراض التي تصيب النفس فتجعلها تقف وتعجز عن إدراك المعالي، ولهذا كان من الضروري إيجاد علاج فعال لهذا الوباء المزمن من خلال طرق فعالة يمكن اتباعها للتخلص من اليأس، والتي يمكن أن تجمل في هذه النقط الأساسية:
 الاعتماد على النفس وتنمية الثقة بالذات.
 الأخذ بالأسباب المشروعة.
 الإيمان بالقدرة على التغيير إلى الأفضل في شتى مجالات الحياة.
 الاتعاظ بتجارب الغير، وكيف استطاعوا تحدي ومقاومة الصعاب والشدائد.
 اليقين بأن الاستسلام لليأس لا يجنى منه إلا الويلات.
إن ملئ النفس بالأمل يزيل اليأس من القلوب، ويلهيك عن الصعوبات والمتاعب والعراقيل، فالميل الواحد في نظر اليائس هو ألف ميل، وفي نظر المتفائل هو بضعة أمتار.
ينبغي إدراك أن الحياة تتطلب السير بجد وإصرار، بدافع من العزيمة، تحت غطاء من التفائل. فكم ظلمنا أنفسنا عندما أسقطنا فشلنا على ظروف الحياة، وشكونا من صعوبتها ناسين أو متناسين بأن هذه الظروف تقف حائلاً أمام الضعيف فقط، أما قوي الإيمان خصوصاً فلا يركن لهذا ويشق طريق حياته رغماً كل هذا.
بوجود الأمل تتغذى النفس مثل الزرع الذي يروى بالمطر، فبدون الأمل لم نكن لنقوم من فراشنا في الصباح ونذهب لدراستنا أملا في النجاح أو العمل لنصل إلى مكانه مرموقة.
الأمل مهم لأسباب متنوعة في كونه:
 يحفز أفعالنا للوصول لنتائج إيجابية.
 يساعد على تفريغ الضغط علينا.
 مهم في تقوية جهاز المناعة.
 فعال في تحسين العلاقات الاجتماعية.
 يخلق السعادة ببساطة.
 يوسع ويبني العقل.

وبناء الأمل في النفس يحتاج إلى:
 الثقة والطمأنينة:
ثق أن كل شيء سيكون على ما يرام، فلا تدع عقلك يفكك الأمل داخلك، ولا تدع تصرفات أو كلمات الآخرين تحبط الأمل بداخلك. تأكد أنك بغض النظر عما حدث في الماضي، وعن وضعك الحالي، وما تعتقد ليكون في مستقبلك، ليس هناك من سبب يمنع آمالك أن تتحقق غيرك أنت إذا فقدته. اطمئن فطبيعة الاشياء في بداياتها تكون صعبة، لكنها بالعزيمة والاصرار تصبح سهلة وبعدها يمكنك تحقيق ولو جزء من أحلامك حتى لو لم تكن على أكمل وجه، لكنك ستكون فرحا بما أنجزت وسيدفعك الأمل على تحقيق الباقي وبالصورة التي تمنيتها بل وربما أفضل.
 الصبر:
كن صبوراً في الأوقات التي تشعر فيها بالاحباط أو بالخوف أو بعدم التأكد، وما إلى ذلك… إعمل أقل واسترح أكثر. النفس تحتاج إلى وقت لإستعادة الأمل والمشاعر الإيجابية التي تأتي معه، ولا تتسرع إفهم حقيقة مشاعرك وإسمح لنفسك أن تكون على بينة من الواقع، لتتبين لك احتياجاتك في التعامل مع الحياة.
 احتواء التناقضات:
احتضن اليأس إزرع الأمل، فالحياة مليئة بالتناقضات والأشياء التي لا معنى لها، ولا يمكن أن يوجد الأمل دون اليأس، والحقيقة هي أنه مهما كنت مجتهدا وتعمل بجد ويملأك الأمل فالحياة لن تمضي في الطريق الذي تريده طول الوقت. فلا تصر على التمسك بنتائج محددة وعليك أن تقبل أنه في بعض الأحيان بعض الأشياء قد لا تتحقق.
يجب أن تتخلى عن الطمع في الحصول على كل شيء تريده، قد لا تحصل حتى على 1 مما كنت تأمل، بمجرد أن تتبنى هذه الفكرة وتعرف أن كل شيء يسير في اتجاه لست وحدك المسيطر عليه، وأن كل ما عليك سوى أن تبذل أقصى ما لديك من جهد بنزاهة.
 الإبقاء بالأمل حيا:
ابحث عن دلائل تشير أن الأمل لا يزال حيا، فأنت لست بحاجة إلى أن تنظر بعيدا الآن بالفعل، أنت تتنفس الأوكسجين تماما لقوة حياتك، أليس هذا دليل كاف على أن العالم على جانبك ويعمل لصالحك؟ اعمل أنت أيضا لصالح نفسك وتسلح بالأمل وحقق أهدافك.
 الابتعاد عن الخوف:
لا تدع الخوف يفسد قراراتك، فالأمل لا يعني القضاء على تذبذب الحياة صعودا وهبوطا تماما، بل الأمل هو الاعتقاد أنه على الرغم من هذا الصعود والهبوط كل شيء سيسير على ما يرام، ففكر بتفاؤل ولا تدع الخوف من أن تبدو غبيا، أو الخوف من عدم الوصول إلى أهدافك، أو الخوف من الفشل، أو أي نوع آخر من الخوف يمنعك من الإيمان بنجاحك ويمنعك أن تعمل على تحقيق آمالك.
 مصاحبة الإيجابيين:
أحط نفسك بالأشخاص الإيجابين، فالأفكار والمواقف معدية، فكلما كان من حولك متمسكون بالأمل، كلما ملأك الأمل وكنت مقبلا على الحياة، فإبتعد عن اليائسين.
 عدم انتظار المعجزات:
كن لنفسك مصباح علاء الدين؛ لا تنتظر معجزة لتعطيك سببا إلى التفاؤل والأمل، فبدلا من ذلك إجعل الآمال واقع من خلال التفاني والعمل الشاق، فكلما بادرت وأخذت الإجراءات بالتنفيذ سوف ترى المزيد من النجاح، وكلما حققت نجاحات متتالية كلما أصبحت أكثر أملا، وذلك بحرصك على اتخاذ الإجراءات اللازمة، لتصبح أكثر إبداعا.
 الإحساس بالامتنان والعرفان:
كن ممتنا بتسجيل عرفانك بالجميل في مفكرتك؛ كل يوم أكتب خمسة أشياء تشعر أنك ممتنا لها، يمكن أن تكون أشياء بسيطة جدا، لا يهم ما تكتبه في القائمة الخاصة بك طالما تجد شيئا تكتبه فيها كل يوم. هذا قد يبدو وكأنه عملية بسيطة بشكل مفرط، لكنها أداة قوية للغاية لتحسين نوعية أفكارك ونفسيتك وجودة حياتك وشعورك القوي بالأمل داخلك.
مهما يتسرب اليأس إلى نفوسنا وتفرغ منها الأمل، ينبغي أن نسعى جاهدين إلى تجديد الأمل في ذواتنا، لأنه البصيص الذي يضيء دربنا، من أجل حياة أجمل وأرقى، وهو الذي يسكن نفوسنا ويحرك السعادة فيها، وينفض غبار اليأس الذي يترك في نفس كل فرد، فيظل الأمل الينبوع الذي يسقينا السعادة والنجاح، والحبل الذي لا ينقطع في سيرنا نحو تحقيق مرادنا وبغيتنا في الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *