تواصل أزمة اللاجئين الفارين من نيران الحروب في الشرق الأوسط المتجهين إلى أوروبا ترك أصدائها في أرجاء القارة والعالم، وبينما يواجه اللاجئون المصاعب والأهوال في طريقهم للمجهول عبر البحار والبراري، فإنهم يلقون ترحيبا من جانب ألمانيا التي فتحت لهم الباب على مصراعيه.
وتساءلت صحف أميركية عما يكمن وراء هذه الترحيب الألماني باللاجئين، فقد قالت صحيفة واشنطن تايمز بافتتاحيتها إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تقامر وهي تعلن عن ترحيبها باللاجئين في بلادها.
وأضافت أن ميركل ترحب باللاجئين السوريين، وخاصة في ظل المأساة التي يعيشونها بعد أن مزقت الحرب القاسية بلادهم وأسفرت عن مقتل أكثر من مئتي ألف منهم وشردت الملايين، وأن أعدادا أخرى من اللاجئين يفرون من العراق وأفغانستان، ومن الفوضى التي تشهدها ليبيا، ومن مناطق في وسط وغربي أفريقيا.
وأوضحت أن ألمانيا ترحب بقدوم ثمانمائة ألف لاجئ لهذا العام، وأنها ستستقبل المزيد في الأعوام القادمة.
وأشارت إلى أن ألمانيا سبقت أن استقبلت أعدادا كبيرة من الأتراك وغيرهم في فترة ازدهارها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكنهم لم يغادروا البلاد بعد انتهاء عقودهم وأن عدد الناطقين بالتركية في ألمانيا وصل إلى عشرة ملايين بحلول 2010.
معدل الولادة
وأضافت أن كثيرا من هؤلاء الأتراك لم يحصلوا على حق المواطنة لأن ألمانيا تعتمد على أحقية الدم أو النسب في منح الجنسية، وليس على أحقية مكان الولادة كما تفعل الولايات المتحدة.
وقالت إن ازدهار ألمانيا الحالي يجعلها تستقبل المزيد من اللاجئين، وإنها ترحب الآن باللاجئين العرب والأفارقة في ظل انخفاض معدل الولادة، ولكون التركيبة السكانية في ألمانيا تشكل عقبة للتنمية وللدورة الاقتصادية اللازمة للمتقاعدين.
وأضافت أن بعض الأوروبيين يتهمون ميركل بأنها تنتقي اللاجئين الذين قد تكون لهم فائدة اقتصادية لبلادها، وأن نصيب بقية الدول الأوروبية سيكون من اللاجئين الأقل ثقافة وتعليما ومن المصابين والجرحى ومن يعانون صدمات نفسية جراء الحروب.
ولكن اختيار ميركل لأعداد كبيرة من الشباب -الذين يعتبرون الأقل تقبلا في تعلم القيم والعادات الألمانية- يعتبر مقامرة بحد ذاتها.
من جانبها، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مقالا للكاتب جوزيف جوفي قال فيه إن أوروبا استوعبت أربعين مليون لاجئ بعد الحرب العالمية الثانية ومن بينهم 12 مليونا من ألمانيا الشرقية، ولكنهم كانوا من ذوي القربى من حيث السلالة أو العقيدة أو اللغة، بينما اللاجئون الجدد قادمون من بيئات مختلفة ويتحدثون لغات أخرى.
وظائف شاغرة
وأضاف جوفي أن هناك أكثر من نصف مليون وظيفة شاغرة في ألمانيا، وأن البلاد تقدم الكثير من المزايا للاجئين كتلك المتعلقة بالسكن المجاني والغذاء والملابس والأثاث والرعاية الصحية والدعم المادي للعزاب والعائلات، وأن العائلة المكونة من أربعة أفراد من اللاجئين تتلقى في ألمانيا نفس الميزات التي يتلقاها الألمان.
وفي تقرير منفصل، أضافت وول ستريت جورنال أن اللاجئين يشكلون أملا جديدا لألمانيا التي يتقدم شعبها بالعمر، وخاصة في ما يتعلق بتوفير القوى العاملة.